يونيو: قيظ

بالعودة إلى كتابة ملخص للشهور، يونيو كان الأغرب بلا منازع، الأمر يشبه خروجي إلى أماكن جديدة في معظمها بينما قضيت جل وقتي أقف في ظل علامتي استفاهم وتعجب من ظهيرة يوم قائظ مقطبة حاجبي أحاول استيعاب المكان الذي أقف فيه.
العجيب أن الحالة الغرائبية هذه لم تحدث بالتدرج أو لم يكن لكل أسبوع شكله الخاص به، إنما وكأن هناك زر ضغط في أول الشهر وبقي على حاله دون منقذ حتى مع اقتراب إعلانها حالة طارئة.
كنت في مواجهة علمي بوجود خطب ما، لكن أجهل تمامًا الطريقة الملائمة للتعامل معه والتي تحول دون تفاقمه، أرى أن الأمور كانت تزداد حدة بمرور الأيام بخلاف العادة، لم تكن تتحسن.


عشت شهرًا أبعد ما أكون فيه عن العقلانية، بل غارقة في عكسها، وأنا أرتدي نظارة كان من باب أولى أن يكتب في وصفها كما كتب على مرآة السيارة: الأجسام الظاهرة في المرآة تبدو أصغر وأبعد مما هي عليه في الواقع. هذه العبارة احتجتها احتياج الغريق لخشبة نجاة، تبدو جملة درامية؟ تمامًا هذا حالي في يونيو: تضخيم ودراما وغرابة تفكير وتحليل لا أعلم من أين يأتي وأفكار لا ينتمي أنا وهي إلى بعضنا الآخر، ببساطة لم أكن أنا< هذه الأخيرة درامية أيضًا؟ لا بأس لابد من وصف الشهر بما يناسب حال عيشه.
رافق كل ما سبق، أني كنت (أنقد) على نفسي ولكن لا أتجاوز ذلك، أي لا حيلة للتعاطي مع الأمر، وهذا انعكس على نفسيتي أكثر وزادت الأمور سوء. لم أكن أفهم أو أرى كل شيء كما هو، ثم ألاحظ ذلك بعد فترة قصيرة فأحاول إصلاح الأمور لأكتشف عطبًا جديدًا يلوح في الأفق..


هذا يجعلني أتأمل الإنسان ونفسه، ويعيدني إلى فترة قرأت فيها عن السلوكيات وتفسير كل شعور، أظنني بحاجة للعودة إلى تلك الكتب، كما وأني تعجبت من تعقيدات النفس، حين يتحول أمر ما إلى: أنت تعلم (ماذا) لكنك لا تدرك (كيف) فهل يجدي نفعًا إدراك نصف الشيء؟ لا أعلم. أدرك أن هناك خطب ما، في الوضع الطبيعي لا أتخذ أي قرار، لا أفعل شيئًا حتى أهدأ، لأني أعلم نتيجة هذه التصرفات الفورية، لكن هذه المرة كنت أقفز قفزًا مظليًا، أو سقوطًا حرًا إلى كل فعل (فوري) فزدت الطين بلة مرات عدة.


ما أعلمه هو أن نسخة مشاعل في يونيو كانت عجيبة! أيعقل أن يكون هذا حالنا في الشهر الذي ولدنا فيه، بصيغة أخرى: هل هذه متلازمة شهر الميلاد؟

رأي واحد حول “يونيو: قيظ

أضف تعليق