اثبات وجود في خضم الزحام

بعض الأحيان أشعر أن كمية الأصوات التي أتعرض لها خلال اليوم الواحد كثيرة جدًا بالنسبة لشخص عاش في بيت كان هو مصدر الإزعاج الوحيد فيه إن وجد.

أقول هذا بعدما (صدّعت) لكثرة الأصوات التي تعرضت لها -أصوات رأسي محسوبة- وبالتزامن مع قرائتي للسطر التالي: إن أصعب ما تراه هو ما تراه كل يوم! لكن أحولها بمعناها من الرؤية إلى السماع، ولا بأس في الصوت أو الضوء على اختلافهما إلا أنهما قد ارتبطا بالحواس وبالرأس المسكين والفيزياء.

تجي معايا؟

عندما يكون هناك هدف مرجو من وراء مشاركة اللحظات، أي هدف على اتساع تنوعها، حينها تبدو المشاركة منطقية، أن نستقطع جزءًا من أوقاتنا لعيون المتعة مثلًا! لكن في الجهة الأخرى، ماذا عن مشاركة وقت أو طعم أو رحلة لمجرد المشاركة؟ أو أن التواجد مع شخص بعينه له تأثيره المغري بصرف النظر عن المأمول من هذا التواجد وهذه المشاركة.

نذهب سويًا لمغسلة السيارة، لشراء احتياجات يومية بسيطة، أو الاكتفاء بالجلوس إلى طاولة في مقهى وكل مشغول بعمله، والصمت يغلفنا إلا من كلمات بسيطة، أخذ لفة في السيارة دون وجهة، الكثير والكثير من اللحظات التي تبدو في ظاهرها خالية من أي (متعة) لكنها الأفضل، بل هي الأقرب.

اعتدت على هذا النوع من المشاركة منذ طفولتي المبكرة، كنت الطفلة التي ترافق جميع أفراد العائلة كل واحد منهم وفق نمط مشاويره، ذهبت إلى سوق الجمعة مبكرًا بعد الفجر، وإلى ورشة لتصيح السيارات، إلى السوق دون هدف سوى أن أحدهم قال: تروحي معايا؟ إلى المسجد (قسم الرجال) نعم دخلت المسجد لكنه مشهد ضبابي في رأسي لصغري حينها، البنقلة ومغسلة الملابس ومراكز التسوق والأماكن الجديدة التي يقودنا الفضول لاستكشافها، وخياط رجالي والذكرى المرتبطة هنا أني ذهبت مع جدي لوالدتي رحمه الله لتفصيل ثوب لخالي الذي يكبرني بعامين، وبعد الانتهاء من أخذ القياسات وأراد جدي المغادرة، نعم؟ حان دوري! حاول جدي إقناعي بأن هذا للرجال فقط لكن صغر عمري حال دون فهمي إذ كنت حينها صغيرة جدًا قبل عمر الروضة أو أن الغيرة رفضت الاقتناع ليش خالي وأنا لا؟ وصل الأمر للبكاء هنا قال جدي للخياط: خلاص خيّط لها ثوب، وهذا ما كان بالفعل، لم أتوقف عن البكاء إلا بعد شروعه في أخذ القياسات، وفعلًا حصلت على ثوب كان وما زال سيرة لا تنسى ولا يفوت ذكرها في أي سياق ملائم،. نعود للقائمة: عيادات طبية وفجأة أتحول إلى مرافق، الأسواق الشعبية مثل باب مكة وباب شريف والخاسكية هنا تنحصر الرفقة مع جدتي، انت لا تكتفي بالرفقة بل بتعدى الأمر إلى المشاورة في بعض القرارات، حقيقة لا يمكنني حصر الأماكن التي ذهبت إليها لا لشيء سوى أني مرافق ولا الشعور أو الذكريات المرتبطة بها. لدي ذكريات غزيرة من هذا النوع مع جميع أفراد عائلتي، وما زلت أعيش مثل هذه اللحظات وما زالت تحافظ على سحرها الخاص. طفولتي كثيفة جدًا بهذا النوع من الذكريات إلى حد أعجز معه الإمساك بأكثرها.

أتذكر ذات مرة أردت شراء أقلام تحديد القراءة، مشوار بسيط وصغير إلى أقرب مكتبة، لكن سألت زينب تروحي معايا؟ وفعلًا التقينا من أجل شراء هذه الأقلام فقط! ولكن صادف حدوث أمر في المكتبة حوّل هذه الدقائق إلى ذكرى مضحكة جدًا. بمثل هذا النوع من المشاركة تتكون أغلب المواقف واللحظات التي تبقى معنا وقودًا وذكريات متجددة لباقي الأيام. أنا وزينب بالذات لدينا قائمة ليست قصيرة من هذه اللحظات باختلاف دوافعها وشعورنا وما رافقها.

لا يمكنني بحال وصف حبي لعفوية هذه المشاركات، إلا أن المسؤوليات والالتزامات تحد بعض الشيء منها لأننا بالطبع لم نعد متاحين ونملك أوقاتنا كما كنا. ولا أخفي استغرابي من رفض بعضهم مثل هذا النوع من الخرجات! ولكن كل على هواه وما تعود كما أنها فن لا يجيده الكثير، لأن مثل هذه المشاركة تتطلب بالضرورة مرونة عالية تناسب عفوية وفجائية التغيرات التي يمكن أن تُخترع بحينها وتقبل احتمالية تدني جودة الموجود من كل/ أي شيء.

إن كنت في يوم ما سأقدم نصيحة لأي علاقة كانت، حتمًا ستكون تزودوا قدر استطاعتكم بهذا النوع من الأوقات.

آخر خرجة دون وجهة ولا هدف.

مينيوم

اعتادت في كل مرة بعد ابتسامة واسعة تصحح لها: منيو بدون الميم، مو منيوم. تضحك ثم ترد عليها: أنا ما قلت منيوم بس انت تسمعيها كذا!

يتكرر هذا المشهد القصير في كل مرة يكونا فيها مع بعضهما ولمحاولاتهما الدائمة لاكتشاف أماكن جديدة ولذيذة! يعني (يتكرر) كثيرًا ومع تكراره تبقى الابتسامة حاضرة وبقوة. هاه ايش قلتي هذي المرة؟ ءءا منيو منيو.

اليوم فتحتْ هاتفها لتساعدها في الوصول إلى حساب على انستقرام وجدت في محرك البحث: مينيوم حلويات سمر. هااااا بالجرم المشهود! والابتسامة تحولت إلى ضحكة، بل ضحكات متواصلة.

البينة 😂❤️

ومن هنا تستحق أن تبدل كل الأبجديات لأجلها، وماذا يعني إضافة حرف إلى كلمة قديمة؟ منيو… منيوم حتى أنها هكذا تبدو أجمل! تبدو كلمة كاملة، الميم يغلقها بخلاف الواو يتركها تتأرجح.

المسار الثاني من اليسار

المشي هو طريقتي الموازية للكتابة والتي لطالما اعتمدتها لحلّ أي عقدة في رأسي، وأفضّل منه ما كان بجوار البحر، ثم من فترة طويلة أضيفت مشاوير السيارة تلك التي تكون دون وجهة محددة وعادة ما يكون لطريق الملك عبدالعزيز النصيب الأكبر منها، وكأني بهذا أقصد قطع مسافات أبدد بها ما يشغلني.

أضيف إلى روتين بعض أيامي -مؤخرًا- ما يقارب ساعتين من قيادة السيارة بما يمكنني تصنيفه طريق سفر وإن كان قصيرًا في حسابات ما يعد سفرًا. لكن ساعتين تُقضى في مواجهة طريق ليست بالأمر الهيّن على الأقل لمن اتخذ كما قلت قبل قليل من قطع المسافات أسلوبًا للتفكير، كما أنها تلوّح لي من بعيد أمام محاولات السهر، تهمس لي: مشاعل، في اليوم التالي ينتظرك طريق، هل سهرك الآن مهم؟😏

طريق خماسي المسارات، اخترت منها بعد دراسة مستفيضة لسلوك قائدي السيارات، المسار الثاني من اليسار وذلك لأن الأول يرفع لدي هرمون الأدرينالين بطريقة سلبية وأنا أخشى من تأثير عادات الظل، التي نعتادها أو تعتادنا دون حرص منّا ولا ترحمنا في إثبات أثرها سواء على مزاجنا، نفسيتنا أو أي شيء آخر. المسار الثاني بالنسبة لي مثاليًا، يمكنني القيادة فيه بالسرعة القصوى المسموح بها دون اضطراري لمواجهة من (يكشح لي) ليكمل طيرانه، أما الثالث تبدأ فيه السرعة تقل عن القصوى مما قد يرفع ضغطك قليلًا، بالنسبة للرابع والخامس (أي أقصى اليمين) فلا حاجة للتعليق.

بعد الوصول للمسار الأمثل ها قد حان وقت العودة لهواجيس الطريق، لا، لحظة! قبلها كانت وما زالت تقطعني تأملات الطريق وبالأخص تكوين الجبال، أنا بطبعي متأملة أحب تفحّص الأشياء من حولي ومع الاختلاف الجذري بين تكوين جدة ببحرها وطرقها التي يمكنني وصفها الآن بالمسطحة مقارنة بما أعبر خلاله من جبال شاهقة، هو بالأحرى مدعاة لإطلاق النظر لولا الانتباه للطريق. كيف لمدينة أن تبنى بين الجبال هكذا؟ أحياء كاملة وبيوت وشوارع -الوضع عاادي وهم كذا بين الجبال- والله إنه لأمر عجيب! أطالع مشدوهة يمينًا ويسارًا وكأني لأول مرة أرى جبالًا.. لكنها حقًا تدفعك دفعًا لتفحصها، تزداد الحالة في المساء لأنها تتحول إلى ظلال بأشكال حادة ومن زواية نظرك دائمًا تبدو لا نهائية 🫨 ما زلت أعيش دهشتي وحيرتي وشهقاتي أمام وجود جبال وسط مدينة أو مدينة وسط جبال، وسأرى إلى متى تبقى؟ هل يمكن أن أعتاد على منظرها ويقف سيل التصوير والتوقف وإطالة النظر؟

تجسيدًا لدهشتي من وجود الجبال بهذه الكثافة في المشهد اليومي لمدينة.

والآن أعود إلى هواجيس الطريق، لكثرتها كدت أن أضيف تصنيفًا هنا في المدونة أوثقها من خلاله لولا خصوصيتها، فكيف الحال وأنا أمام ساعتين منها؟ في البداية انتهيت من كل المتراكم من الأسئلة الوجودية والمهنية ومشاكل النوم وجداول الأنشطة وتوزيع الوقت كما يجب أن يكون، صفّرت العداد. وبدأت جولة الأفكار كل واحدة تقول: نحن هناااا! أولها ختم القرآن استماعًا من بداية سورة البقرة واستمرت الخطة حتى انتهيت من النساء، ثم عدت لما كنت عليه من اختيار السور الأثيرة إلى قلبي. حتى الآن لا أثر للبودكاست على الإطلاق.. تأخذني تأملات الآيات بعيدًا وبعض الأحيان أعيد السورة من البداية لأن صوت ضجيج رأسي كان مرتفعًا. الحضور الطاغي لهواجيس الكتابة، تأتيني أفكارًا لو أمسكت ببعضها وحولتها فعلًا لنص وواقع كما أضاءت في رأسي….أقول لو، ولو تفتح عمل الشيطان.

ظهرت من جديد كذلك عاداتي التي أظنها غريبة واحتفظ بها لنفسي، كأن اتخذ نقطة في الطريق أعطيها دور العامل الضابط في التجارب، بمجرد الوصول إليها افترض كم تبقى من طريقي وأقارن، هناك نقطة في طريق ذهابي عادة ما يتبقى لي عند وصولي إليها ٢٨ دقيقة وأخرى عند عودتي وعندها يتبقى لي ١٨ دقيقة. وأكثر ما أثار فضولي، وجود أرجوحة خضراء في وسط البر! ليس بجوارها ما يستدعي وجودها. وأشياء غريبة أو محيرة تجعل من وجهك هكذا 🤨 قد أكتب عنها لاحقًا.

على الهامش:
هذه التدوينة كتبتها في رأسي أثناء عودتي قبل قليل، لم تكن بشكلها الحالي -وهي في رأسي- وتفلّت منها الكثير لكن هذا ما استطعت الإمساك به.

كورونايات متأخرة

صور البداية والختام لكل كتاب.

يقول توماس فريدمان: إن جائحة كورونا ستكون بداية لتقويم جديد للعالم، وخطًا فاصلًا لحقبة ما قبل كورونا وما بعد كورونا.

هذا من المواضيع التي تستهويني، ولأني أمر بوعكة صحية مشابهة في أعراضها وحدتها لما أصابني خلال مرضي بكورونا -في الحقيقة الآن الأغلب إذا لم يكن الكل يعاني من تقلبات الطقس- لذا اخترت قراءة كتب بالتزامن. لست خبيرة، لكن شهور الجائحة وكمّ الإجراءات الاحترازية وكل تلك التغيرات المرافقة التي لازمتنا روتينًا لفترة ليست قصيرة، امتدت بأثرها حتى الآن، وعلى رأس القائمة النقلة النوعية في خيار التعليم عن بعد.

بعيدًا عن مفهوم الحرب والانتصار أو ربما تحت مصطلح الحرب الناعمة! إذا ما فكرنا في العالم أجمع وما اكتسبه بعد جائحة كورونا وحجم التغيرات الحاصلة والتي تعود في أصلها نتيجة للجائحة، مثلًا صار للكمامات حضور بارز، وإضافة متاحة لكل مصاب برشح أو غيره لا أتذكر وجودها من قبل، وجماعة أخرى جعلوا من الكمامة طريقة حجاب مبتكرة، التعليم عن بعد، طبيعة التواصل، بكل بساطة وتعقيد في الوقت ذاته تشكل جائحة كورونا ذاكرة جمعية عالمية. تغير العالم على إثرها وصار يمكننا تقسيم التاريخ إلى قبل وبعد كورونا.

-١-

لون الغد: رؤية المثقف العربي لـ “ما بعد كورونا”

قسّم المؤلف ردود المشاركين في دراسته والتي هي عبارة عن أسئلة مرسلة لمجموعة من مثقفي العالم العربي أجمع، قسمهم إلى ثلاثة فئات مسمى كل مجموعة يعطي تصورًا واضحًا عن رؤيتهم للعالم بعد انجلاء جائحة كورونا. الفئات هي: المتفائلين – المتشائلين – المتشائمين.

قراءة الكتاب في الوقت الحالي بعد تجاوز الجائحة تمامًا يبدو عجيب، لكن فضولًا دفعني لمعرفة كيف كان الآخرين يرون العالم بعد كورونا؟ وما زلت مهتمة بفترة كورونا وما بعدها وحجم التغيرات الحاصلة في العالم على أثر تلك الفترة وبالتحديد ما تعلق منها بالتدريس -كما قلت سابقًا- وهذا امتداد لاحتدام تفكيري وفضولي لشخص عاصر أزمة صحية عالمية، نحن مواليد التسعينات لم نحظى بتجربة مشابهة من قبل.

توقعاتهم تناسب فترة ردهم على سؤاله، ما زال الوقت حينها في خضم عراكنا مع كورونا، كان يسألهم عن توقعهم حول حال العالم في العام المقبل ٢٠٢١؟ أي أن الأسئلة وصلتهم في معمعة كورونا من عام ٢٠٢٠. بعض الردود طبيعية في مستواها بين الواقعي والمأمول، والبعض الآخر موغل في التطرف بصرف النظر عن انتماء رأيه إلى أي فئة من الثلاثة. تمنيت لو أن الكاتب لم يجتهد ويقسمهم إلى فئات، بل تركنا ننتقل من رد إلى آخر ونتفاجئ بكم الاختلافات بينهم، كل يعكس أمر ما والجميع باختلافهم يؤكدون اختلاف قراءتنا لذات الأحداث تحت تأثير عوامل عدة منها بيئتنا ومن حولنا، تناولوا تقريبًا ذات الجوانب لكن برؤى متباينة، يميل الكتاب إلى كونه دراسة اجتماعية نفسية وأظنه يخدم من يهتم بتقديم أبحاث أو دراسات تهتم بتلك الفترة. ما زلت مقتنعة من أن كورونا بفترته ما هو إلا ذاكرة جمعية لكل من عاصره، لكن كلًا ومنظوره وزاويته (الأمر نسبي والنسبية أينشتاينة فيزيائية والمجد للفيزياء)

على الهامش: أن تقرأ كل هذه التفاصيل الآن، قد يدعوك للتبسم من جموح تفكير بعضهم وتطرفه، وأتمنى أن يعيد الكاتب تواصله معهم ليرى حالهم ورأيهم بعد انتهاء الجائحة وعودة الحياة. وبما أني بدأت القراءة حول كورونا أظنني سألحق لون الغد بكتاب وزير الصحة السعودي آنذاك توفيق الربيعة: الوقوف على أطراف الأصابع، ذكرياتي مع جائحة كورونا ٢٠٢٠.

-٢-

الوقوف على أطراف الأصابع: ذكرياتي مع جائحة كورونا ٢٠٢٠.

قراءة هذا الكتاب مختلفة لنا نحن الذين عاصرنا جائحة كورونا، نقرأ من خلاله الجائحة من زاوية مختلفة أقرب للواقع من أي زاوية ممكنة، ذكريات وزير الصحة السعودي أثناء أزمة كورونا. يأخذنا إلى كواليس مشاهد عشنا تفاصيلها، كل ما يتحدث عنه ليس بجديد نذكره جيدًا لكنه سمح لنا التعرف على الأحداث من منظور آخر.

يجدر بي ذكر أني التزمت بكتابة يومياتي في مدونتي يوميًا لمدة ستة أشهر متواصلة من سنة ٢٠٢٠ وبالتحديد من فبراير إلى يوليو (يوميًا) دون توقف، كنت أرصد خلالها حالي مع التحديثات الجديدة المرافقة للأزمة إضافة إلى توثيق لكل الأوامر الصادرة والقرارات وحتى سجل يومي بالحالات المسجلة. فجميع ما قرأته من ذكريات الوزير أعرفه لكن من الجهة المقابلة. ما قام به الوزير توثيقًا دقيقًا متدرجًا لمن عاصر كورونا وللأجيال من بعدهم.

خلال قراءتي تذكرت في ديسمبر ٢٠١٩ كنت أتابع جزء الأخبار في تويتر، يوميًا منذ بدأت الأنباء عن انتشار مرض في ووهان، صرت بفضول باهت أنقر على جزء الأخبار لأرى ماذا يحدث في الصين؟ لمدة ٢١ يوم تقريبًا على هذا الحال إلى انتشار الفيروس بين أقاليم الصين ثم دوليًا، وببرود أتذكر في يوم ما أخبرت والدتي وكأنه خبر عابر لا علاقة لنا به. جميع هذه التفاصيل مرت علي في الكتاب كما قلت آنفًا من زاوية أخرى وهذا ما يؤكد لي كيف أن جائحة كورونا شكلت ذاكرة جمعية للعالم أجمع ولنا نحن السعوديون من قبل.

أخذنا توفيق الربيعة في رحلة كاملة منذ بدء الأخبار في ووهان، وقلق العالم وانتشار المرض وانتظار تسجيل أول إصابة في السعودية ثم سلسلة القرارات من تعليق الدراسة وإيقاف العمرة خارجيًا ثم داخليًا إلى (صلوا في بيوتكم)، توفير المعقمات والكمامات وانتهاء بوصول اللقاحات وبدء حصولنا عليها وجميع المراحل التي تلت تلك الفترة، ولا ننسى عيادات تطمن وتأكد، ثم وأخيرًا العودة إلى مقاعد الدراسة الحضورية بشكلها الجديد وغيرها كثير.

طريقة توثيقه جيدة تركز على الأهم وبلغة رشيقة سهلة وواضحة، إضافة لملحق صور في آخر الكتاب. أظنه سيبقى وثيقة مهمة لفترة مختلفة، على وجه الخصوص للسعوديين أو المقيمين خلال الجائحة.

في الظل

أجلس الآن إلى جهازي بعد يوم عمل شبه متعب، تشير الساعة إلى الثانية وسبع دقائق بعد النصف، كعادتي حين أمر بلحظات صمت في المدونة، يقابلها ضجيج في رأسي، اقتربت من الشهرين دون كتابة هنا، جرى خلالها الكثير والكثير مما يستحق الكتابة لكني وأخيرًا ضبطت إلى درجة متقدمة ما أشاركه في كل مكان بما في ذلك مكاني القصي. لست بحاجة لمزيد من الانكشاف والوضوح، ولمن يقرأ مدونتي يعلم أنها رغبة قديمة ومتكررة، وخلال الشهرين الماضية اقتصر معظم إن لم يكن كل تواجدي في التطبيقات على القراءة والكتب، هذا ما أريده بالضبط، تعمدت الابتعاد عن المدونة فترة قصيرة لضبط الأمر، حقيقة فقدت شغف المشاركة، كل شيء بدا دون معنى وهدف، عشت في المقابل لحظات خالصة، وثقت واحتفظت بها في جهازي أو في قصة سنابتشات بأقل عدد من المقربات.

أفقد معنى المشاركة لعدد كبير من الناس، أو حتى التعرض للكثير من اليوميات والتفاصيل لأناس لا نعني لبعضنا شيئًا. توثيق اللحظات واليوميات، الاحتفاظ بها ما زال فعل أثير، ما توقف هو مشاركة ذلك. انستجرام كذلك توقفت فيه عن نشر صور يومياتي واقتصرت بصور ما أقرأ من كتب، الحياة في الظل صارت هدفًا ومطمعًا أسعى إليه بكل جدية، وعلى ضوء ذلك ألغيت نشر عددًا من التغريدات تحمل في طياتها تفاصيلًا مما أردت التوقف عن مشاركتها.

الكتابة والترجمة والقراءة وربما بعض الخواطر والأفكار هي كل ما أرغب في إظهاره، ما عدى ذلك فـ لدفاتر يومياتي أو أقرب الأقرباء. وصلت إلى مرحلة تشبع من المشاركة أو حتى الاطلاع، وما هي إلا فكرة مؤجلة وصلت لها بعد الكثير من التدرج والتراجع، والكلام في شأنها يطول، ولدعم استمراري سأكمل قراءة ما اخترته من كتب تغطي جوانب مختلفة متعلقة بالموضوع.

في ضوء كتاب ومقال

أقرأ الآن كتاب الضجيج: تاريخ إنساني للصوت والإصغاء. ما زلت في الفصل الثامن من أصل ثلاثين فصلًا، سيكون كتاب ماتع لمن يهتم بموضوعه ومحتواه، وهنا لابد من ذكر ملاحظتي بأن جميع العناوين التي حصلت عليها مؤخرًا وأقصد بمؤخرًا معرض الكتاب بجدة في دورته الأخيرة 2023 وما سبق ذلك بفترة وجيزة، كانت عناوين خالية من الأدب وغارقة فيما أحب من مواضيع، ركيزتها الفيزياء واللغة ثم ما بينهما، من صوت وضوء وتقنية وتطبيقات تواصل اجتماعي وعلم اجتماع وعلم نفس وبعضًا من الفقه والبلاغة، عامة تغلب عليها العلوم.

أعود إلى كتاب الضجيج مرة أخرى، طرح المؤلف ذكي جدًا وجاذب وماتع، لولا كثرة انشغالي لأنجزت قراءته في فترة أقصر، حقيقة لم أتوقعه بهذه الدقة والتفاصيل والجمال والتوسع و التشعب، تطرق خلال تفصيله في حديثه عن الصوت إلى اللغة والكتابة والقراءة والشفاهية وتاريخ تطورهما وتأثير كل منهما على الآخر، وكيف تنقسم الحقب التاريخية بين الأمم السمعية التي تعتمد في نقلها على الشفاهية ومنها الصوت، وأخرى تعتمد على الكتابة فكانت الصورة. قبل بدء قرائتي لكتاب الضجيج كنت أقرأ كتاب الصمت في عصر الصخب وهو كذلك بشكل أو بآخر يدور حول ذات المواضيع، وهذا التزامن الذي يبقيني خلال فترة قصيرة أدور في فلك موضوعات متشابهة يعجبني خصوصًا في المواد التي لا أتعمدها مثل مقالات أوحلقات بودكاست أو كتاب آخر.

اليوم صباحًا، لفتني عنوان لمقال صوتي في تطبيق معنى: نحو تشسيع الإحساس بالعالم. اخترته مع توقعي بإغلاقي له في الدقائق الأولى تخمينًا لصعوبة ملائمة مزاج الصباح، لكنه فاجئني، جميل جدًا! < فاجئني أي جعلني أندهش وأرفع حاجبي وأعيد سماع جزء من النص مرة أخرى، لأنه في طرحه وكأنه مرفق أو ملحق بكتاب الضجيج. أعجبني إلى حد استمراري في سماعه حتى بعد وصولي إلى مكتبي وبعد ذلك عدت واستمعت إليه مرة أخرى في طريق عودتي من المدرسة.

مقالات معنى عميقة وتفصيلية تروي فضول كل قارئ يبحث عن (معنى) كامن وراء علم أو مجال أو موضوع يفضله. مما كان ملفتًا لي في كل من الكتاب والمقال أنهم عرجوا باتفاق المعنى على أهمية الصوت ومدى تأثيره ومنه إلى الاستماع والإنصات، وأن الأمة الإسلامية في ثقافتها تولي السماع أهمية كبرى متمثلة في الإنصات إلى النص القرآني بهدف الفهم العميق لمعناه ومن ثم اتباعه. ومنه إلى تأثير الطبقة الاجتماعية على سماع أفرادها وبالطبع سيرتبط هذا بطبيعة أعمالهم وأورد مثالًا عمال المصناع واعتيادهم على أصوات الآلات المرتفعة، جاء سؤال بمعناه يقول ما حالهم بعد مغادرتهم إلى بيوتهم واختفاء صوت الآلات؟ وتعرضهم للضجيج لفترات طويلة يؤثر سلبًا على حاسة السمع، نصًا: ممارسة التناصت سيجعلنا نتأمل في ما تسميه المصانع الرأسمالية النهمة بـ موسيقى التنمية، والمتمثل في ضجيج المصانع، والذي يُصبُ أكثرُه في آذان المحاويج، الذين يعملون فيها و/أو يسكنون قربها، الأمر الذي يترتب عليه تلويث سمعي هائل وإضعاف لحاسة السمع، بما قد يجعلها تُقدِم على استقالة حواسية مبكرة. ويكمل الكتاب ما بدأه المقال بذكره امتداد تأثير الطبقة الاجتماعية على حياتهم اليومية ومنازلهم، إذ عادة ما تتلحى بيوت الأغنياء بهدوء مرتفع، يشمل المنزل نفسه أو الحي الذي يقطنون فيه ويتوسع الهدوء وهو خلاف الضجيج ليصل إلى مواصلات تنقلهم بما تمتاز به سيارتهم مثلًا من انسيابيه عالية وعزل ومميزات تصب في الأخير في كونها تكمل حلقات الهدوء المحيط بهم على خلاف الطبقة العاملة أو الفقراء وكون الضجيج رفيقهم ليس في أماكن أعمالهم وحسب وإنما في أحياء سكنهم وبيوتهم، ويتضح ذلك في قرب البيوت من بعضها وصغر مساحاتها وكثرة سكانها مما بالضرورة ينتج ضجيج متواصل.

والآن أكمل قراءتي.

2023

2023 في دفاتر يومياتها كاملة.

بدأت قبل يومين عادتي نهاية كل عام، قراءة يومياته كاملة. تفاجأت من أني كتبت يوميات ٢٠٢٣ في ثلاث دفاتر وأنا كنت أعتقد بأنها اثنين. ثم أخذت بإرسال فقرات من كتبت عنهم، وكأني أقول لهم ها أنتم قد حظيتم بشرف الكتابة عنكم في يومياتي! هههه

لن أسهب في وصف سنتي وكيف كانت إلا من أمر واحد، ستبقى السنة التي أدركت فيها أمورًا جديدة عن مشاعل وهذا نتيجة دخولي لمنطقة جديدة كليًا، وهنا لا مجازًا ولا تصفيف كلمات، إنما فعلًا اكتشفت جوانب جديدة، كان أثرها ممتد ومتعدي، شمل الإيمان الصادق بالقضاء والقدر، وتهذيب الذات، وأمور عدة ليست بالسهلة أو البسيطة، وإن كانت في حينها مزعجة لي أنا سواء لسببها أو لفعلها، إلا أنها لن تبقى كذلك وتنتقل من الشعور المزعج السلبي المرافق لها إلى حقيقة كونها أمر وقع وانتهى، المهم الآن بماذا أخرج من كل ما كان؟ هناك حيثيات كثيرة لذا وجب التجاوز مع أخذ ما يستفاد. طريق قصير مشيت فيه ببطء وانتهيت منه بنسخة جديدة من مشاعل.. لكل قدر حكمة فالحمدلله على أقداره وعلى لطفه الخفي وعلى حكمته، الحمدلله دائمًا وأبدًا. كما قلت لن أسهب، ولكن خرجت بالكثير عني وعن أفكاري وقراراتي وقناعاتي، خرجت بما يفوق التجربة في طولها وكيفها. كما وللأبد أحب أثر مرور الوقت، مرور الوقت وحده ويالحجم التغير الهادئ البطيء المرافق، كيف لثورة بركان تبرد وتجمد.. وهذا معنى كثيرًا ما استحضره بأشكال وحالات مختلفة.

الجدير بالذكر أني ولسنوات كثيرة اعتدت أن تتزامن بداية دفاتر يومياتي مع بداية السنة في التقويم الهجري، ولكن استخدامي لمنظمات تعتمد على التقويم الميلادي -ولتنظيم رأسي- وحدت البدايات على أن تكون مع السنة الميلادية، وهذه السنة لا أنوي استخدام أي منظم، وأقصد ذلك الذي أطلبه سنويًا من اليابان منذ ست سنوات، نكتفي بهذا القدر ويكون دفتر يومياتي وحيدًا شاملًا لكل شيء… هذا إدراك لحظي.

هي سارّة

قديمًا، منذ سنوات طويلة شاهدت فيلمًا وكان هناك شيخ كبير له صديق صغير، يعلمه الحياة ويتعلم منه ربما معنى الحياة! حين شاهدته أعجبتني الفكرة وتمنيت لو أن هناك طفلة صغيرة أجرب معها نفس هذا الدور وهو غريب لحد ما، إذ لا قرابة واضحة تستدعي التقاء ذلك الشيخ بالطفل. ثم شاء الله سبحانه وصارت لي رفيقة درب من وإلى المدرسة، نلتقي صباحًا وفي الظهيرة، نتبادل التحايا والأحاديث وهواجيس الطريق، طفلة ذكية في صفها الأول الابتدائي. حتى مع قصر المسافة الزمنية المقضية بيننا، إلا أن اختلاق الأحاديث والضحكات وشمس الظهيرة تجمعنا، وبيننا بضع وعود صغيرة.

أذهب أنا إلى قسم الثانوي، أنظر إليها وهي في طريقها إلى قسم الابتدائي وبالتحديد الصفوف الأولية. وقد تدرجنا حتى وصلنا إلى هذه المرحلة، استغرقنا فصلًا دراسيًا كاملًا! معها غيرت بوابة دخولي إلى المدرسة لتكون الأقرب إلى قسمها والأبعد عن قسمي، غيرت بوابة الدخول بعد سنوات من ثباتها لأجد سيارتي في الظهيرة قبالة الشمس فتتحول إلى كهف ساخن حين خروجنا، لم يقتصر الأمر على ذلك، كنت أوصلها بنفسي إلى بوابة قسمها وفي الظهيرة ولفارق ربع ساعة تسبقني بانتهاء دوامها أذهب وآخذها إلى مكتبي حتى وقت خروجي. ثم انتقلنا إلى معرفة أقسام المدرسة، هنا وهناك انظري إلى حرف الثاء؟ هذا يعني ثانوي وهنا ب؟ ابتدائي، أنت من هنا وأنا من هناك، ثم تطور الأمر وكونت صديقتي (الطفلة😂) صداقات مع كل من في غرفتي معلمات المتوسط والثانوي! وصارت تعلم بالضبط متى تغادر قسمها مزهوة إلى مكتبي، تستقبلها التحايا يوميًا، لم يقف الأمر إلى هنا، تعرف أيضًا أماكن تواجدي إن لم أكن في الغرفة. وذات يوم تفاجأت بها دعت صديقتها لترى أبلة مشاعل وهي جالسة في مكتبها 🤓 أين المشكلة؟ أهل صديقتها ينتظرونها بالخارج بينما هنا يدار تعارف جديد هههههه. بالمناسبة، بدأنا في تعلم بوابات المدرسة وهي ثلاث، وصعبة على طفلة لكن أتيتها بحيلة، غيرت مكان توقفي -مرة أخرى-، ثم أسألها ظهرًا، وين وقفنا اليوم؟ من هنا علمتها ثم صرت أسألها فتأخذ ثوان للتذكر. طفلة في صفها الأول تتعلم شرقية وغربية وشمالية ثم هي نفسها كل بوابة تحمل اسمين، جهة ورقم فتستدرك: بوابة ١! نعم ما زلنا عند تعلم البوابة الأولى.

تعلمت مني: have a nice day! لأني أقولها يوميًا وهي تغادر إلى قسمها وفي يوم وهي نازلة إلى منزلها قالتها بسرعة.. ثم نظرت إلي قائلة: قلتها قبلك ☺️

لاحظنا من طول انتظارنا إشارة معطوبة متدلية ونسجنا خيالات، قالت لي: يمكن تطيح فوق سيارتنا؟ / لا احنا ما نمشي من تحتها شوفي احنا نروح يسار/ اممم صح كلامك، راقبناها إلى أن أصلحوها فسألتها: طالعي ايش اللي تغير؟ هاه لاحظي كويس! صرخت: صللللحو الإشارة. في ذات الإشارة نراقب السحاب عندما يكون الطقس غائمًا، أطلب منها: شوفي السحاب تمشي / كيف عرفتي؟ / طيب انا اقولك طالعي في طرف عمود النور وشوفيها من ورا وهي تمشي او طالعي طرف المبنى هذاك وشوفيها.. وبعد ثواني من التأمل: والله صح تمشي!

عرفتُ قوائم تشغيلها المفضلة، وخططها لنهاية الأسبوع، وخمولها يوم الأحد، وتميزها وأدبها، سألتني: ايش تسجعي؟ الهلال ولا الاتحاد؟ طلبت منها إعادة السؤال للتأكد من تسجعي؟… أجبتها: صراحة ما أسجع ولا فريق!

أطلعتني على مكان جلوسها في الفصل، ومن هم صديقاتها، ورقمها التسلسلي، صارت تعرف كما قلت متى تغادر قسمها وطريق وصولها إليّ، وأي الكراسي تحركه لتجلس إما بجواري أو أمام مكتبي. أسألها كل يوم: كيف كان يومك؟ وصارت تعرف كيف تجيب، تصف لي يومها منذ أن تركتها للحظتنا، وهي تحسب الفسحة (حصة الفسحة) وعندما لا تكون في مزاج جيد تختصر الإجابة، فـ أُطيلها بسؤال: من من صديقاتك سعادتك اليوم؟ / ساعدتني في ايش؟ / اممم في حل أوراق العمل؟/ احنا كل وحدة لها ورقة لوحدها -_-

هناك أيام وهي قليلة يكون الصمت سيد الموقف، صباحًا أو في العودة، إما لنعاس يكاد يأكلنا أو لمزاج مرهق! لكن وجودها غير من روتين صباحي، وصرت أصل مبكرة لا لبصمتي وإنما لوقت الحصة الأولى، لا أريد أن تفوتها أي فقرة صباحية إن وجدت.

أحب الأطفال، ومن يعرفني يعلم ذلك، أحب قضاء وقت معهم وإن قصر، ومحادثتهم ومشاركتهم وتعليمهم وكل ما اتصل بهم، هي سارة وسارّة فعلًا، كثيرًا ما ابتسم أو أضحك بسببها، سعيدة بها.

ملاحظة:

أثناء كتابتي قفز إلى رأسي الكثير من الحوارات التي كانت بيننا، لكن آثرت الاحتفاظ بها، أفكر في كتابتها بدفتر يومياتي، لكونها عفوية لحظية ولطيفة.

هرج

-١-

في كل مرة أدفع فيها اشتراك مدونتي، وهذا ثابت في ديسمبر من كل سنة، يتجدد معه شعوري بالحب الكبير لمكاني القصي وتزداد شهيتي للكتابة وتتدفق الأفكار التي عادة ما تتفجر أثناء قيادتي للسيارة.

-٢-

اليوم مثلًا، أدركت وهذا ليس للمرة الأولى، أن هناك من وإن حسنت علاقتنا معهم لكنهم محدودين في أيامنا، أي أن جل ما يجمعنا بهم أمور على مقياس الحياة الحقيقي ما هو إلا قشور، ضحك وقضاء وقت، أنا وهم ما زلنا وسنبقى واقفين في دوائرنا الخارجية البعيدة، ولا مشكلة في ذلك على الإطلاق، المهم هو إنزال الناس منازلهم، أن نعرف حجم المساحة التي يشغلها كل فرد ومدى تأثيره علينا وهذا والله أمر حسن ويختصر الكثير.

-٣-

مهما خرجت والتقيت وتحدثت وسمعت وفعلت ما بدى لي، لا أجدني إلا أمام دفتري أكتب وأرتب أفكاري، وكلما تناقشت وخضت في أمور مهمة أعود وأنكب إلى كتابة كثيفة أكمل بها مشهد يومي، ولعظيم دور وأثر الكتابة عليّ دائمًا أتخيل، ماذا لو لم يكن هناك فعل (الكتابة)؟