تخيل أن ذهابك لأول يوم في الجامعة لا يفتح لك أبواب المستقبل فحسب، بل يفتح أيضًا أبواب ماضٍ لم تكن تدري بوجوده. تخيل أن أول يوم دراسي يُفضي بك إلى لقاء شخص يشبهك تمامًا، ليس في الشكل فقط، بل في كل شيء… وكأنك تنظر إلى مرآة. ثم تكتشف أنه ليس مجرد شبيه، بل أخ توأم. وما هي إلا أيام حتى يظهر ثالث يشبهكما أنتما الاثنين
Three Identical Strangers فيلم وثائقي يحكي عن ثلاثة توائم متطابقين، فُصلوا عمدًا عند الولادة، وتبنّتهم ثلاث عائلات مختلفة تمامًا في المستوى الاجتماعي والثقافي، كجزء من تجربة علمية سرّية! ورغم اختلاف البيئات، كبر الثلاثة وهم يتشاركون صفات متطابقة: من طريقة الضحك، إلى تفضيلات الطعام، وحتى بعض التصرفات الغريبة. كأنهم نسخة واحدة طُبعت ثلاث مرات، لكن هذا التشابه يصبح طفيفًا أمام اختلافات جوهرية تظهر لاحقًا.
لم يكتف الوثائقي بسرد القصة، بل وضعني وجهًا لوجه أمام أسئلة كبرى عن الهوية، الإرادة، وأخلاقيات العلم، ومعنى الأسرة ودور الوالدين، وحدود التنشئة وبالطبع سلطة الجينات والوراثة. هل يمكن للعلم أن يتجاوز حدوده إلى حد العبث بحياة مجموعة من البشر؟ هذا الفيلم ليس قصة، بل جرح مفتوح في ضمير كل من كانت له يد في تلك الدراسة.
بدأت حكايتهم بدهشة ومرح وسعادة، وقبل تصاعد الأحداث قلت لنفسي: جميل لو أجريت عليهم دراسة حول أيهما أقوى تأثيرًا الجينات أم التربية؟ لأني تذكرت دراسات مشابهة وردت في كتاب المخطط الوراثي كيف يجعلنا الـDNA من نكون، عن توائم فصلوا ونشأوا في عائلات مختلفة، قلتها ضاحكة دون تفكير في أبعاد هذه التجربة أساسًا. لكن ما لبثت أن تحولت أفكاري ومشاعري! حين توصلوا لحقيقة مريرة: لقد كانوا ضحايا تجربة نفسية سرّية، أُجريت دون علمهم ولا موافقة أسرهم، ضمن دراسة هدفها معرفة ما إذا كانت الشخصية تتشكل بالوراثة أم بالتربية. في الحقيقة كل شي متعلق بالدراسة ما هو إلا غموض دفعهم إلى العيش بوضع احتمالات وافتراضات لا أكثر.
تتوالى في الوثائقي فصول أقل ما يقال عنها أنها صادمة، ومحبطة.. لست في صدد سردها، لكن يمكنني قول أنهم فصلوا في عمر 6 أشهر، واستمرت الدراسة من عام 1960 إلى 1980 ثم توقفت دون نتائج منشورة، وحفظت سجلاتها كاملة في جامعة ييل، على أن تكون متاحة عام 2066!
لم يكن الأمر مجرّد عبث بمصير أطفال، بل كانت هناك نتائج نفسية مؤلمة، بعضها ترك ندوبًا لا تُشفى طالت عددًا واسعًا من الأشخاص. لم أستطع مشاهدته كاملًا في جلسة واحدة، لأن حجم التفاصيل التي شاهدتها، غلبتني مشاعر حادة، الحياة تعاش مرة واحدة.. فكيف تعيشها وأنت عينة في دراسة؟
لكل من يهتم بالجينات والوراثة والتربية والتنشئة، هذا الوثائقي يشاهد، لا يروى.
مسلسل قصير من أربع حلقات، أظن أنه قد لا يروق للكثيرين بسبب رتمه البطيء ونهايته المفتوحة التي لم تُشبع فضولي. 😅
لكن شخصيًا أعجبني كثيرًا، لا سيما جانب الحوارات، كانت وفيرة وطويلة، ومليئة بالتفاصيل النفسية الدقيقة. تطرّق المسلسل بوضوح إلى جوانب متعددة من الحالة النفسية للمراهقين، والفجوة المتّسعة بينهم وبين محيطهم، وتأثير التنمّر، ومواقع التواصل الاجتماعي، والعزلة التي ترافق كل ذلك كإشارة مبطّنة على أن هناك أمرًا ما ليس على ما يُرام.
المشاهد تنمّ عن عمق في السيناريو، واستطاعوا إيصال أفكار معقّدة بذكاء وواقعية. عمومًا، تفاصيل المشاهد سواء في قصة “جيمي” أو غيرها، تستحق أن تُدرّس. تنقلاته النفسية كانت لافتة، ولا يمكن إغفال موقف والديه وشقيقته، وكمّ الألم ولوم الذات الذي لا يُفارقهم.
مما لفتني هذا الحوار:
“This isn’t you, threatening kids, wrecking your van… I know you’re angry.”
جملة أرى أنها تختصر الكثير من جوهر الإنسان، ولأني عشت فترة كنت فيها غاضبة من أمر ما، ولم أكن أدرك حينها حجم تأثير ذلك الغضب على تصرفاتي — ولو جزئيًا — إلا لاحقًا. صرت أكثر وعيًا بالغضب، وأثره الممتد فينا. ولولا بقية المشاعر، لكنت جزمت أن أي سلوك خارج عن طبيعة الإنسان المعتادة قد يكون سببه الغضب… هكذا ببساطة. لكن، في كثير من الأحيان، تتداخل الأمور ويكون الغضب آخر ما يُمكن تبرير ما يحدث به.
إن كان لا بدّ من كتابة مراجعة مختصرة، فستكون حتمًا:
فضلاً، احصل على نسختك من هذه الرواية فورًا!
منذ فترة طويلة، لم أقرأ عملًا أدبيًا يتسم بهذا القدر من التفاصيل الممتزجة بالجمال. عمر يجيد نقل عالمه إليك، أو ربما نقلك إلى عالمه، بأسلوب بسيط وجميل ومضحك في أحيان. يتحدث عن كل شيء بحميمية عجيبة، ويتقن تشكيل قوائم لكل شيء تقريبًا، فلا يمر موضوع دون تعداد مميز.
التفاصيل العادية لديه تكتسب معاني أعمق. لا أعلم كيف يقنعك بهذه المعاني حتى تراها منطقية وواقعية تمامًا. يلتقط أدق المشاهد اليومية، تلك التي نمر بها دون التفات، ويضعها تحت الضوء، محرضًا إيّاك على الانتباه أكثر.
يكتب عن الطعام بتفاصيل “لذيذة”، مستحضرًا المكونات، قوام الأطباق، ورائحة كل طبق دون أن يغفل عنها. يقدم وصفًا شاعريًا، يكاد يكون أشبه بتشريح فني للأطباق.
أعتقد أنك إذا ركزت على أسلوب وصفه للشخصيات، الأحداث، المشاعر، أو حتى الأكلات، ستكتسب منظورًا جديدًا لرؤية الأشياء، خاصة تلك التي تبدو عادية كما ستتقن تصميم القوائم. الرواية تعزز الحواس عامة، وتحديدًا التذوق والشم، إذ أسهب الكاتب في وصفهما من أول الرواية إلى آخرها.
كنت أتساءل عن سبب اختياره لصورة المرأة الموجودة على الغلاف؟ -لم أكن أعلم من هي- إلى أن سألتني ماما، وأخبرتني أنها الممثلة مديحة كامل، فبدأت أخمن رمزية الصورة، حتى وجدت تفسيرها في تفصيل خفي بين السطور.
لم تكن قراءتها عادية واستغرقت وقتًا أطول مقارنة بعدد صفحاتها. هذه رواية تقرأ مرة، ثم ثانية، وربما مرات أكثر.
سألتني أمي عما أحب أن يكون موجودًا على مائدة الغداء. تحديد الصنف يمنحها طمأنينة ما. يُغلق باب الحيرة ويفتح لها باب التجويد والإبداع. يُسهل مهمتها ويمنحها الحماس الكافي لعمل المطلوب أيًّا كان. #كحل_وحبهان
وأقول أنا:
أعدت قراءة الفقرة لأنها موجز عن أيامي ووالدتي حفظها الله، تزين يومي بسؤالها (يوميًا) عما أرغب في تناوله، وللغداء بالتحديد خصوصية عالية، أخبرها بعض الأحيان عن حيرتي حد عدم قدرتي اقتراح أي صنف لأجدها تنتظرني بقائمة على أقل تقدير تحتوي خيارين: أنا بقولك وانتي اختاري؟
تتعمد تعداد أصنافي المفضلة، ثم تردف هذه العادة باتصال عند اقتراب موعد دوامي تطمئنني بأن غداء في انتظاري، أعلم جيدًا أنه بالضرورة جدًا وبلا مجاملة، هو طعام لذيذ لذيذ لذييييذ!!!
إن كنت سأختصر حب والدتي لي وهذا غير معقول، حتمًا سيكون لطبخها وطعامها فائق اللذة، هذه لغة حبها التي تجيدها لدرجة تجعل من بعدها مجرد (كومبارس) في عالم الطبخ.
وهذا الشأن مما أقف أمامه عاجزة عن قول حرف واحد، ماما يفوقني حضورها في حياتي ويسحبني إلى حدود الصمت.. حفظها الله ووالدينكم ورزقنا برهم ورضاهم.
في إشارة صريحة إلى أن كل سلوك مرتبط بعامل نفسيٍّ يعود في أساسه إلى شرارة أوقدت فتيله، خصوصًا إذا كان في شكل حذر مبالغ فيه أو خوف أو قلق، يزداد الأمر تعقيدًا مع التفاصيل الدقيقة جدًا، إذ لم يُخلق الإنسان بطبيعته ليواجه هذا الكم من التوجس الذي يلاحقه دون مسوّغ جليّ.
في الفصل الأول من كتاب الأستاذ والمجنون، ذُكر خوف الطبيب ماينور غير المبرر من الإيرلنديين، ومداومته السؤال لمن استأجر منها غرفته عن احتمالية وجود أيٍّ منهم.
في البداية، أوضح للقارئ، في سياق حديثه عن مرضه دون تفصيل، قلقه وتوجسه المستهجن من الإيرلنديين. ألقى بهذه التفصيلة المربكة عن غرابة شخصية الطبيب، ليعود ويذكر جذرها بإسهاب في فصل لاحق.
هذا التوجس غير المبرر من ماينور يكشف عن مدى تعقيد العلاقة بين الصدمات النفسية والاضطرابات العقلية التي قد تنعكس على السلوك البشري بطرق غير متوقعة. حالة الدكتور ماينور ليست مجرد حالة فردية لشخص يعاني من الخوف، بل هي صورة مصغرة للصراع الداخلي بين الماضي المؤلم والواقع الحاضر. ولم يكن الخوف هنا سوى مثال على كيفية ظهور هذه الصراعات النفسية بأشكال متعددة، تظهر في تصرفات تبدو غريبة وغير مبررة. لكن الحقيقة تكمن في أن جميعنا معرضون للصدمات النفسية بدرجات متفاوتة، والخلاص منها لا يتحقق إلا بوعيٍ قادر على مواجهة الجذور، وفهم التأثيرات، وكسر دائرة الألم النفسي التي قد تقيد الإنسان دون أن يدرك.
قراءة الفصلين الأولين من كتاب الأستاذ والمجنون: قصة القتل والجنون ونشأة معجم أكسفورد للغة الإنجليزية، كانت كافية لترك الكتاب جانبًا والبدء في البحث عن المعاجم الإنجليزية لدي، ولي معها قصص وذكريات طويلة، للأسف وضعها في مكتبتي محزن وصعب لعدم وجود مساحة كافية، رغم حبي الشديد لها إلا أن الكراتين الجانبية تحتضنها.
لست متأكدة من أن ما وصلت إليه هو كل ما أملكه، لكن أعتقد على الأقل هذا ما تبقى لي من مكتبتي القديمة.. هناك بعض معاجم بالحجم الصغير جدًا، من شبه المستحيل الوصول إليها. وهذه الصورة تختزل سنوات من حب الاقتناء والاطلاع على المعاجم. حاولت تذكر أقدمهم وأظنه من مكتبة تهامة في شارع حائل كنت حينها في المرحلة المتوسطة وما دفعني لاقتنائه كتب عليه: Children’s thesaurus. ثم مكتبة العبيكان في فرعها القديم بمجمع العرب وآخر بناء على توصية من تيتشر سميرة عندما كنت في الصف الثالث ثانوي، الحقوافيهمعجمرهيبعليهخصمفيجرير! أتذكر أني حصلت عليه ب٨٠ ريال بدلًا من ١٥٠ أو أرقام حول هذين السعرين، ثم مكتبات متفرقة وبعضها من أمازون مؤخرًا.
وحبي للمعاجم قديم، وباللغتين العربية والإنجليزية لكن حصرتها هنا على الأخيرة لأن الكتاب يتحدث عنها. أعود مرة أخرى، أقدمها منذ أن كنت طالبة في المرحلة المتوسطة وآخرها مع دراستي لبكالوريوس اللغة الإنجليزية والترجمة، وكل معجم يأتي بقصة ودافع جديد للاقتناء، تارة أحادي اللغة وآخر ثنائي، وهناك ما هو لاستخدام معين وهكذا. لا أستطيع بحال القفز تجاوزًا لقسم المعاجم والقواميس في أي مكتبة، سحر حلال لا مثيل له.
ولا أنسى هنا جمال مقرر علم المعاجم Lexicography رغم صعوبة مذاكرته وإسهابه في التاريخ، إلا أني قررت الاحتفاظ بمذكرته إلى بعد التخرج.
هنا قاموس المشاعر، قاموس للكلمات التي لا وجود لها للتعبير عن مشاعر موجودة بالفعل!
وبالعودة للقراءة، تذكرت بأني شاهدت الفيلم المقتبس عن نفس الكتاب The Professor and the Madman والذي أظنني شاهدته سنة 2019، على كل حال.. متحمسة لإعادة مشاهدته فور الانتهاء من القراءة.
أخيرًا: للمعاجم على وجه الخصوص حب خاص، يدرك تفاصيله من أصيب له دون أي حب آخر متعلق بأي علم من علوم اللغة.
منذ فترة طويلة والفضول يدفعني للبحث عن مواضيع تندرج تحت علم الوراثة، لكن محاولاتي لا تتجاوز بحثًا سريعًا في يوتيوب أو مجلة علمية، إلى أن بدأت قبل بدء إجازتي بقليل قراءة: المخطط الوراثي: كيف يجعلنا الـDNA من نكون، الصادر عن سلسلة عالم المعرفة. والذي بدوره كان محفزًا للاستزادة حول الموضوع ومنه حصولي على مجموعة كتب تتحدث حول الوراثة من قريب ومن بعيد. هذه المجموعة 👆 كانت بمثابة مكافأة أو هدية الانتهاء من السنة الدراسية ١٤٤٥هـ ومصافحة أولى لعالم الجينات/ الوراثة/ DNA.
كعادتي أثناء قراءتي أبحث حول الكتاب في GoodReads وتويتر وغيره لأرى مراجعات أو انطباع من قرأه قبلي، لكن آخر كتابين قرأتهما: ١- المخطط الوراثي: كيف يجعلنا الـDNA من نكون ٢- الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين. لم أجد ما يكفي من المراجعات عنهما، وبالأخص الثاني. أرى أنهما يستحقان مراجعات مطولة ومفصلة، سأحاول الكتابة عنهما باختصار.
المخطط الوراثي: كيف يجعلنا الـDNA من نكون:
يقدم الكتاب نظرة عميقة عن كيفية تأثير الحمض النووي على تشكيل شخصياتنا، قدراتنا وسلوكياتنا. إذ أن المؤلف عالم وراثة سلوكي: روبرت بلومين.
يركز بلومين في الكتاب على الجانب النفسي أكثر، يحاول إثبات تأثرنا نفسيًا بما وصلت إلينا من جينات، ولكن في الفصول الأولى أو في معظم فصول الكتاب، لإثبات فكرته المتعلقة بالجانب النفسي كان يلزمه التطرق إلى شرح الأساس الجيني/ الوراثي. من هنا وجدت متعة وفائدة الكتاب واعتبرته مدخلًا جيدًا للوراثة. الفكرة الأساسية وما يناضل بلومين من أجله هو أن الجينات تلعب دورًا كبيرًا -جدًا- في تحديد من نحن، إلى هنا قد يتفق معه الكثير حول الصفات: الذكاء، الطول الوزن، لكن ماذا عما هو أعمق من ذلك؟ الجانب النفسي. استخدم لإثبات أفكاره نتائج مجموعة من الدراسات التي أجراها على مدى عقود، وبالتحديد تجارب التوائم: توائم متطابقة/ توائم مختلفة. كما شملت تجاربه الأطفال المتبنين وغيره كثير. طبعًا دور التنشئة كان محل اهتمام، والبيئة كذلك لكنه قلل من تأثيرهما مقابل الجينات.
ما يميز الكتاب في نظري أنه وهو كتاب علمي بحت، إلا أن قراءته سهلة حتى من غير المتخصص، في الحقيقة الفصول الأولى منه معظم ما ورد فيها كان سببًا للكثير من الدهشات والشهقات. وعلى كثرة الأفكار المطروحة وجمالها، إلا أني أظنه بالغ في بعض ما طرحه، لم أقتنع بكل شيء. لكنه بالعموم كتاب تفصيلي ويستحق القراءة، ولا يمكنني اختصار أربعة عشر فصلًا هنا.
الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين:
يأخذنا هذا الكتاب إلى نقطة التقاء التاريخ بالعلم، إذ يتكئ مؤلفه في كل ما يطرحه على هاذين الجانبين: العلمي متمثلًا في الجينات والوراثة والتاريخي في الأنثروبولوجيا. وهنا لابد أن أذكر ما لاحظته في بداية قراءتي، أظن أن معضلة المسلمين وقراءة الكتب الطبيعية والبيولوجيّة منها على وجه الخصوص، كامن في ذكرهم لأسلاف البشر وما يلحقها من نظرية التطور. وإنسان…. إنسان….. ولا يسعنا إلا القفز على تبعات النظرية وإكمال فهمنا العلمي بما لا يتعارض مع النص القرآني الواضح. ما عدى ذلك فهو كتاب مشوق وجاذب، قال في بدايته: هل تجد البيولوجيا مملة؟ تمتع إذن بالمفاجآت، وفعلًا!
والجميل أنه كذلك يبدأ بتوضيح الأساس الجيني للتنوع البشري، موضحًا كيف أن التغيرات الطفيفة في الحمض النووي تحدث اختلافات كبيرة في الصفات الجسدية والسلوكية. ومن هنا بدأ في شرح كيف تتكون هذه الفروقات بمرور الزمن تحت تأثير كلًا من الضغوط البيئية والثقافية.
يرتكز الكتاب على التفسير العلمي لتأثير الهجرة والزواج بين الشعوب المختلفة والانتقاء الطبيعي على تنوعنا واختلافنا الجيني، وتعد الفصلين الأولى مقدمة لما سيتبعها، إذ تبدأ سلسلة الصفات البشرية بتفاصيلها من الفصل الثالث وحتى الفصول الأخيرة.
يحلل المؤلف جيش من الصفات -بلا مبالغة- وهي قسمة كمجموعات وفقًا لاقترابها من بعضها، موضحًا أساسها وتقسيمها الجغرافي وما مدى تأثير الحروب والهجرات والتطور الحضاري على ظهورها وتطورها واكتساب بعض الشعوب دون غيرها ما يميزها. يغطي الصفات الظاهرية والنفسية والسلوكية بشمولية مذهلة.
يوضح الكتاب تأثير كل ما سبق ومر بحمضنا النووي حتى وصوله إلينا، ويربطه بتأثير الجينات على حياتنا اليومية وأخيرًا نقطة التجمع كامنة في التقاء الوراثة بالبيئة. حقيقة كتاب يشجعك للمضي في قراءته لتروي فضولك.
ممتع جدًا معرفة تأثير الوراثة علينا، وربما يزداد الأمر متعة عندما يتجاوز الصفات الظاهرية إلى ما هو أعمق من سلوكيات وطباع وتفضيلات، ولشخص مثلي عاش دون أشقاء أرى جانب الشبه مثير جدًا! كنت وما زلت وسأبقى أندهش من أوجه التشابه بين الأشقاء أكثر بكثير من جوانب الاختلاف، فالأخيرة بالنسبة لي منطقية، لكن الشبه أمره عجيب. والأعجب اشتراك أفراد عائلة كاملة في صفة واحدة تجمعهم! اليوم انتهيت من قراءة الكتاب الثاني في الوراثة، لم أشعر بالملل بعد لكن فضلت أخذ استراحة بالقراءة حول موضوع آخر ومن ثم العودة للمجموعة أعلاه، يبدو أنها صيفية الوراثة.
يقول توماس فريدمان: إن جائحة كورونا ستكون بداية لتقويم جديد للعالم، وخطًا فاصلًا لحقبة ما قبل كورونا وما بعد كورونا.
هذا من المواضيع التي تستهويني، ولأني أمر بوعكة صحية مشابهة في أعراضها وحدتها لما أصابني خلال مرضي بكورونا -في الحقيقة الآن الأغلب إذا لم يكن الكل يعاني من تقلبات الطقس- لذا اخترت قراءة كتب بالتزامن. لست خبيرة، لكن شهور الجائحة وكمّ الإجراءات الاحترازية وكل تلك التغيرات المرافقة التي لازمتنا روتينًا لفترة ليست قصيرة، امتدت بأثرها حتى الآن، وعلى رأس القائمة النقلة النوعية في خيار التعليم عن بعد.
بعيدًا عن مفهوم الحرب والانتصار أو ربما تحت مصطلح الحرب الناعمة! إذا ما فكرنا في العالم أجمع وما اكتسبه بعد جائحة كورونا وحجم التغيرات الحاصلة والتي تعود في أصلها نتيجة للجائحة، مثلًا صار للكمامات حضور بارز، وإضافة متاحة لكل مصاب برشح أو غيره لا أتذكر وجودها من قبل، وجماعة أخرى جعلوا من الكمامة طريقة حجاب مبتكرة، التعليم عن بعد، طبيعة التواصل، بكل بساطة وتعقيد في الوقت ذاته تشكل جائحة كورونا ذاكرة جمعية عالمية. تغير العالم على إثرها وصار يمكننا تقسيم التاريخ إلى قبل وبعد كورونا.
-١-
لون الغد: رؤية المثقف العربي لـ “ما بعد كورونا”
قسّم المؤلف ردود المشاركين في دراسته والتي هي عبارة عن أسئلة مرسلة لمجموعة من مثقفي العالم العربي أجمع، قسمهم إلى ثلاثة فئات مسمى كل مجموعة يعطي تصورًا واضحًا عن رؤيتهم للعالم بعد انجلاء جائحة كورونا. الفئات هي: المتفائلين – المتشائلين – المتشائمين.
قراءة الكتاب في الوقت الحالي بعد تجاوز الجائحة تمامًا يبدو عجيب، لكن فضولًا دفعني لمعرفة كيف كان الآخرين يرون العالم بعد كورونا؟ وما زلت مهتمة بفترة كورونا وما بعدها وحجم التغيرات الحاصلة في العالم على أثر تلك الفترة وبالتحديد ما تعلق منها بالتدريس -كما قلت سابقًا- وهذا امتداد لاحتدام تفكيري وفضولي لشخص عاصر أزمة صحية عالمية، نحن مواليد التسعينات لم نحظى بتجربة مشابهة من قبل.
توقعاتهم تناسب فترة ردهم على سؤاله، ما زال الوقت حينها في خضم عراكنا مع كورونا، كان يسألهم عن توقعهم حول حال العالم في العام المقبل ٢٠٢١؟ أي أن الأسئلة وصلتهم في معمعة كورونا من عام ٢٠٢٠. بعض الردود طبيعية في مستواها بين الواقعي والمأمول، والبعض الآخر موغل في التطرف بصرف النظر عن انتماء رأيه إلى أي فئة من الثلاثة. تمنيت لو أن الكاتب لم يجتهد ويقسمهم إلى فئات، بل تركنا ننتقل من رد إلى آخر ونتفاجئ بكم الاختلافات بينهم، كل يعكس أمر ما والجميع باختلافهم يؤكدون اختلاف قراءتنا لذات الأحداث تحت تأثير عوامل عدة منها بيئتنا ومن حولنا، تناولوا تقريبًا ذات الجوانب لكن برؤى متباينة، يميل الكتاب إلى كونه دراسة اجتماعية نفسية وأظنه يخدم من يهتم بتقديم أبحاث أو دراسات تهتم بتلك الفترة. ما زلت مقتنعة من أن كورونا بفترته ما هو إلا ذاكرة جمعية لكل من عاصره، لكن كلًا ومنظوره وزاويته (الأمرنسبيوالنسبيةأينشتاينةفيزيائيةوالمجدللفيزياء)
على الهامش: أن تقرأ كل هذه التفاصيل الآن، قد يدعوك للتبسم من جموح تفكير بعضهم وتطرفه، وأتمنى أن يعيد الكاتب تواصله معهم ليرى حالهم ورأيهم بعد انتهاء الجائحة وعودة الحياة. وبما أني بدأت القراءة حول كورونا أظنني سألحق لون الغد بكتاب وزير الصحة السعودي آنذاك توفيق الربيعة: الوقوف على أطراف الأصابع، ذكرياتي مع جائحة كورونا ٢٠٢٠.
-٢-
الوقوف على أطراف الأصابع: ذكرياتي مع جائحة كورونا ٢٠٢٠.
قراءة هذا الكتاب مختلفة لنا نحن الذين عاصرنا جائحة كورونا، نقرأ من خلاله الجائحة من زاوية مختلفة أقرب للواقع من أي زاوية ممكنة، ذكريات وزير الصحة السعودي أثناء أزمة كورونا. يأخذنا إلى كواليس مشاهد عشنا تفاصيلها، كل ما يتحدث عنه ليس بجديد نذكره جيدًا لكنه سمح لنا التعرف على الأحداث من منظور آخر.
يجدر بي ذكر أني التزمت بكتابة يومياتي في مدونتي يوميًا لمدة ستة أشهر متواصلة من سنة ٢٠٢٠ وبالتحديد من فبراير إلى يوليو (يوميًا) دون توقف، كنت أرصد خلالها حالي مع التحديثات الجديدة المرافقة للأزمة إضافة إلى توثيق لكل الأوامر الصادرة والقرارات وحتى سجل يومي بالحالات المسجلة. فجميع ما قرأته من ذكريات الوزير أعرفه لكن من الجهة المقابلة. ما قام به الوزير توثيقًا دقيقًا متدرجًا لمن عاصر كورونا وللأجيال من بعدهم.
خلال قراءتي تذكرت في ديسمبر ٢٠١٩ كنت أتابع جزء الأخبار في تويتر، يوميًا منذ بدأت الأنباء عن انتشار مرض في ووهان، صرت بفضول باهت أنقر على جزء الأخبار لأرى ماذا يحدث في الصين؟ لمدة ٢١ يوم تقريبًا على هذا الحال إلى انتشار الفيروس بين أقاليم الصين ثم دوليًا، وببرود أتذكر في يوم ما أخبرت والدتي وكأنه خبر عابر لا علاقة لنا به. جميع هذه التفاصيل مرت علي في الكتاب كما قلت آنفًا من زاوية أخرى وهذا ما يؤكد لي كيف أن جائحة كورونا شكلت ذاكرة جمعية للعالم أجمع ولنا نحن السعوديون من قبل.
أخذنا توفيق الربيعة في رحلة كاملة منذ بدء الأخبار في ووهان، وقلق العالم وانتشار المرض وانتظار تسجيل أول إصابة في السعودية ثم سلسلة القرارات من تعليق الدراسة وإيقاف العمرة خارجيًا ثم داخليًا إلى (صلوا في بيوتكم)، توفير المعقمات والكمامات وانتهاء بوصول اللقاحات وبدء حصولنا عليها وجميع المراحل التي تلت تلك الفترة، ولا ننسى عيادات تطمن وتأكد، ثم وأخيرًا العودة إلى مقاعد الدراسة الحضورية بشكلها الجديد وغيرها كثير.
طريقة توثيقه جيدة تركز على الأهم وبلغة رشيقة سهلة وواضحة، إضافة لملحق صور في آخر الكتاب. أظنه سيبقى وثيقة مهمة لفترة مختلفة، على وجه الخصوص للسعوديين أو المقيمين خلال الجائحة.
للمرة الثانية أشاهد فيلم CODA على الأقل أكملته هذه المرة، فالمرة الأولى كانت سنة 2020 وحين سجلت دخول إلى حسابي كان ما زال تطبيق Apple TV محتفظًا بدقائق مشاهدتي، وعلمت بأني وصلت إلى النصف ساعة الأولى. لا أتذكر منها إلا مشهدًا واحدًا في أحسن الأحوال، لكن أتذكر جيدًا انطباعي بأنه فيلم جيد جدًا، من النوع المفضل على الأقل.
وتذكرت حينها -2020- محاولاتي للقراءة والمشاهدات التي كانت تنتهي دون إكمال لأي شيء منها، كان ذهني مشغول لدرجة أعجز من خلالها فهم الكثير من الدلالات الرمزية لكل ما يعبر أمامي بما في ذلك من نصوص أو مشاهد.
وعليه سحبت مؤشر الوصول الواقف عند الدقيقة الثلاثين إلى الثانية الأولى، أعدت مشاهدة الفيلم من البداية، CODA بفكرته يشبه كتابًا كنت قد قرأته واسمه: يدا أبي، الفكرة باختصار تحكي قصة لأفراد طبعيين ولدوا لوالدين صم، الكتاب رائع وكذلك الفيلم! والاثنين مبنيين على قصة واقعية وكلامها تطرق لنفس الأفكار تقريبًا لكن الفيلم لأني شاهدته اليوم فأنا ما زلت تحت تأثيره. شخصية روبي وهي بوابة أهلها للتواصل مع العالم الخارجي، وكيف تتداخل وتتقاطع المصالح الشخصية مع مصالح العائلة، وظهر في الفيلم ما أفضله، عوالم متداخلة للفرد الواحد وذلك أن تكون جزءًا من عائلة بكل ما تعنيه الكلمة ثم كذلك في الجهة الأخرى لك عالمك الخاص والذي عادة لا يشاركك به أحد، هكذا كانت روبي مع مسؤولية إيصال صوت أهلها للمجتمع ورغبتها في الالتحاق بالجامعة مما يعني انفصالها عنهم ورحيلها لمدينة أخرى.
من المشاهد المؤثرة، طلب منها أستاذ الموسيقى وصف شعورها عندما تغني، حاولت بالكلمات لكن انتهى بها الحال برفع كتفيها تخبره من الصعب وصف ذلك! طلب منها المحاولة، عندها فقط بدأت وصف ما تشعر به بلغة الإشارة، ابتسم الأستاذ ولم يطلب منها ترجمة ما قالته، ما يهمه أنها عبّرت! ومن هنا يفهم بأن لغة الإشارة هي اللغة التي اعتادت بها التعبير عن مشاعرها، ويعود ذلك إلى تواصلها مع أفراد عائلتها.
ومن هنا بعد الفيلم ومن قبل الكتاب، أفكر بمشاهدة كل أو جزء من مقابلة الممثلة ليلى عبدالله وحديثها حول والديها كونها هي كذلك مولودة لوالدين صم.
أكثر ما أعجبني، وهي إجابة لفضول رافقني طوال الفيلم، لكن المخرج كان ذكيًا بما يكفي ليروي فضول أمثالي من المشاهدين، كنت في لحظات أتسائل عن الصمت والهدوء التام الذي يعيشه الأصم، كيف يرى كل هذا الضوء والحركة دون أن يعبر رأسه منها أي حس؟! وإذ به وفي أهم مشهد يعتمد على الصوت اعتمادًا تامًا وفي مسرح المدرسة، ينقل لنا تجربتهم: مشهد يصل إلى نصف دقيقة بلا أصوات! نرى كل شيء وصمت مطبق.
اليوم عدت أشاهد الأفلام بطريقتي القديمة المفضلة، بجواري دفتر يومياتي مفتوحًا من الجهة المعاكسة لمسار يومياتي، عنوان الفيلم وقائمة وصلت إلى الرقم 15 أكتب فيها ملاحظاتي وأفكاري واقتباساتي، ولعل بهذا عودة إلى متابعة الأفلام والمسلسلات بجوار القراءة والكتابة.
حلل عبدالسلام بنعبد العالي في كتابه قراءات من أجل النسيان، جائحة كورونا تحت عنوان (سنة القطيعة) تحليلًا عميقًا، يبدو لمن عايشها كما لو كان مراجعة شاملة لتلك الفترة بتجاربها المختلفة. وقال أنها ذكرته برواية الطاعون، وهي مما حرصت على قراءته خلال الفترة الأخيرة من الجائحة. 🤝
يقول عن الرواية: ❞ كان للجائحة، ككلٍّ ما يترتَّب عن تجدُّد العلاقة بالموت، وَقْعٌ شديدٌ على «الوضع» الأنطلوجي للفرد، ذكَّرنا بما كانت شخوص رواية الطاعون لألبير كامو تطرحه من أسئلة. لا عجب أن ترتفع مبيعات تلك الرواية عند الجائحة، بشكل مدهش سواء في فرنسا أو في إيطاليا. فهي كانت تصوِّر مختلف أشكال ردود الفعل ❝
يصف بنعبد العالي سنة جائحة كورونا بأنها كانت سنة ذات تحولات جذرية على مستويات عدة، بحيث أعدنا النظر في الكثير من الثوابت، إلى الحد الذي يمكننا أن نصفها بالقطيعة ومعنى هذه المفردة كما وصفها: هي لحظة انفصال العلم عمّا قبل تاريخه.
يعدد بعد ذلك كل ما لحقه هذا التغيير، أولًا: المؤسسات التعليمية والإدارية، وأن الجائحة عجّلت وعممت تطورهما المتوقع لكنه كان مؤجلًا إلى حين ظهور الجائحة والتي بدورها أتاحت لنا فرصة التعلم دون الحاجة للذهاب إلى مدارسنا، والأمر ذاته مع الأعمال الإدارية. على هامش هذه الفقرة، يجدر بي ذكر أني استفدت بشكل شخصي من التغير الحاصل للمؤسسات التعليمية والإدارية، فالتعليمية كنت بين دورين أثناء الجائحة، إذ أتممت فترة من تعليمي الجامعي كما كنت في الجهة الأخرى معلمة أشرح لطالباتي، حينها كنت معلمة للصف الرابع الابتدائي والثاني متوسط، وهناك بعيدًا عن التعليم، شرعت بقضيتين في المحكمة، بدأتهما وانتهيت منهما وجميع الجلسات كانت عند بعد!
ثانيًا: تحدث عن الثقة في المعرفة العلمية والتي أصابها خلل كما يرى، إذ اهتزت الثقة بمصداقية العلم، وظهر عوضًا عنها اللايقين العلمي، وتضارب التأويلات واختلاف آراء العلماء، وخص بالذكر العلوم الطبية، والتي يرى أنها فقدت شيئًا من هيبتها، وصارت حديث الجميع، والكل يدلي بدلوه -رأيه- كيفما يريد حول طبيعة الفايروس، انتشاره أو حتى علاجه.
ثالثًا: وسائل الاتصال، يرى بنعبد العالي أنها المستفيد الأكبر من الجائحة، كانت أشبه ما تكون بالجندي المجهول، وصفها بأنها المنقذ المعوّل عليه في تخفيف حدة ما نزل، تحول كل شيء بوجودها إلى (عن بعد) تعليم وعمل. كما أنها خففت من العزلة وحافظت للأفراد قدرتهم على التعبير إذا ما فقدوا قدرتهم على الحراك والانتقال.
رابعًا: يذكر أن الجائحة أنعشت دور (الدولة) بالعموم، وأوضحت أنها المسؤولة عن رعاية حياة المواطن، وعن الحياة الاجتماعية بأبعادها كاملة، وتحول هاجس الدول إلى الهدف الأول: هاجس الصحة. وأمام فايروس كورونا برز دور المصلحة الخاصة من أجل المصلحة العامة متمثلًا في الصحة الفردية من أجل صحة المجتمع، فسلامة كل فرد مرتبطة بسلامة المواطنين جميعهم.
أخيرًا: يختم بنعنبد العالي: ❞ نلمِس هنا التحوُّل العميق الذي خلَّفه الفايروس، ليس على الأفراد هنا وهناك، وإنما على الوضعية البشرية برمَّتها. إنسان آخر تولَّد عن الجائحة. لم يعد الإنسان هو هو سواء في علاقته بالآخرين أو بالمؤسَّسات الاجتماعية أو حتَّى في علاقته بالوجود. ❝
هذا من فوائد القراءة أثناء الإجازة، لا يكفيك أن تقرأ.. إنما تكمل بكتابة ما يدور في رأسك، بدأ الأمر بتغريدة وانتهى بما يشبه المقال 😊