مقتطفات مُرسلة

أجلس لأكتب هذه التدوينة -على استحياء- بعد جملة من المسوّدات في رأسي، كالعادة يعني ولا جديد في ذلك. حتى هذه التدوينة لم تكن لولا عودتي لمجلد الرسائل المرسلة وقراءتي لما كتبته منذ منتصف أكتوبر، فكنت كمن ينهمر في مكان (الرسائل) ليجف في مكان آخر (هنا) لكن توقفي هنا جاء جزء منه بقصد التوقف عن نوع معين من الكتابة والالتفات إلى نوع آخر. والآن كمحاولة للعودة، سأقتبس بضع فقرات من رسائلي الأخيرة. للأبد للرسائل الطويلة جمال لا يضاهيه أي صنف أدبي، استخدمها مسوّدة وas a second mind وسجل توثيق للمهملات قبل المهمات، وتجريد وجرد وتصنيف، لكل شيء.. ومهما قلت وتحدثت لا أوفي كتابة رسالة واحدة حقها. يجدر بي الإشارة وبعيدًا عن الرسائل، الكثير من مشاريع الكتابة محفوظ إلى وقت غير معلوم، لدي أفكارًا أنتظر تنفيذها كما أفتقد وبشدة قراءة الأدب < لازم أقول كل شيء.

لا بأس لي عودة هنا بإذن الله، والآن مع مقتطفات الرسائل.

٣١ أكتوبر:
قرأت فقرة من كتاب المتخفي الحيوات السرية للدماغ:

ونحن لسنا واعين إلا بالقليل جدًا مما يوجد في الخارج. فيقوم الدماغ بصياغة افتراضات لتوفير الوقت والموارد ويحاول ألّا يرى العالم إلّا بالصورة التي يحتاج إليها. 

وهذه حقيقة ملموسة لكل من يحاول ملاحظة نفسه أو الآخرين من حوله، وأظن أن ملاحظة أنفسنا تحت تأثير عبورنا بظروف عدة كفيل باكتشاف واقعية هذا المعنى. 

١ نوڤمبر:
في الصباح أثناء قيادتي فوق الكبري تذكرت بأن اليوم هو ١ نوفمبر، وأنا أحب البدايات الزمنية أجد فيها فرصة حقيقية وإن قصرت للبدايات الجديدة. الفكرة المسيطرة كانت التركيز على ذاتي أكثر، وعلى من يهمني أمرهم.. الانشغال بأمور ذات قيمة بعيدة كل البعد عن المهاترات والسخافات، الابتعاد عن الفضول دون معنى، وووالكثير مما أود تذكير نفسي به. وجودنا في دوائر اجتماعية يحتم علينا التعرض لمثل هذا، إضافة لتطبيقات التواصل الاجتماعي، لست مثالية لكن فعلًا مثل هذا يسلب الكثير من أوقاتنا وتركيزنا وطاقتنا…. لسنا مراهقات!

٢ نوڤمبر:
تناقشت وصديقتي عن الأثر الذي يبقيه مرور أحدهم، كيف لدخول شخص خاطئ (أو صحيح) إلى حياتك يخلّف وراءه كل هذا الأثر والظهور؟ لي ولها تجربتنا مع اختلاف المدة، ……… لكن لماذا دخول شخص إلى حياتك يبقيه إلى هذا الحد؟ أرجّح صدق الشعور لأنه يحف التفاصيل بهالة تبقيها. بصرف النظر عن التفاصيل، ربما يبقى هذا الأثر إيجابيا أو سلبيًا مشكلتي ليست في نوعه إنما في تواجده من الأساس حين لا أرغب به. كيف حياتي وتفكيري كانا خاليين تمامًا من طيف ذلك الشخص، والآن قد يعرّج ويظهر في لفتة هنا أو هناك؟فكرة مبتذلة بعض الشيء.

٣٠ نوڤمبر:
أحب نهاية الأسبوع، بهجة دائمة مكررة لا نملها ولا تفقد انتظارنا لها. وما أحبه أكثر، هو خوض تجارب صغيرة، مطعم أو مقهى أو نكهة جديدة من شيء ما، أظن بأن هذا الفعل البسيط هو رصيد عيش لذيذ وجميل. والأكثر أحب الهدوء وغالبًا ما يزداد ارتباطه بنهاية الأسبوع إذا كان خاليًا من صخب العائلة الممتدة. ومنه أحب كذلك الروتين، في الحقيقة.. أرى أني مدفوعة للتحدث عما أحبه من أيامي لأني ما زلت تحت تأثير استشعار الجمال الكامن وراء اختلاف نمط أيامي. 

بعيدًا عن كل شيء، يبدو جيدًا وجليًا أني أعيش (حبسة الكتابة) ممتدة طوال عام ٢٠٢٤، فلم تتجاوز دفاتر يومياتي اثنين، وتدويناتي قليلة جدًا جدًا جدًا وأخيرًا الحال مع رسائلي. والأخيرة هي الأحب لقلبي.. أريد أن أكتب لكن الأمر لا يتجاوز رغبة يزعجني صدى ترددها في رأسي. 

أحاول دومًا الموزانة بين جمود الفيزياء والهندسة بمزجهم بالأدب إلا أن ٢٠٢٤ الأقل على الإطلاق في قراءتي الأدبية، تكاد تقترب للصفرية وربما أتدارك الوضع في آخر شهر. 

صممت جدولًا لمتابعة تقدمي فيما أقوم به من اهتمام بجودة الطعام والرياضة والنوم والماء ،، 👇🏼

على أن أسجل كل هذا التتبع في آخر دقائق من يومي قبل النوم، وذات مرة لاحظت مدى وتيرة أيامي، تميل في طبعها كما يعتقد بعض من حولي إلى البطء الذي هو انعكاس لي. ومنها بدأت في التأمل قليلًا، الوتيرة البطيئة أو لأقول الأثر التراكمي الصغير هو ما أفضله، كنت أفكر حينها في طبيعة تواجدي سواء في الواقع أو برامج التواصل. قبل سنوات كنت كاتبة في البايو: في الظل، انكفاء واكتفاء..وصورة: في الركن البعيد الهادئ، هذا ما أميل إليه في معظم أوقاتي، وسمة الهدوء أو البطء أجد فيها راحتي، وقليل دائم خير من كثير منقطع، ووو 

انكمشت مؤخرًا لينحصر تواجدي في كافة التطبيقات إلى مشاركة أكواب القهوة وصفحات الكتب وبعض المشاهدات، ابتعدت عن اليوميات الشخصية وتفاصيل أيامي بخلاف ما كنت أفعله يوميا في مدونتي! مع استمرار توثيق لحظاتي، الاختلاف خاص بالمشاركة فقط. 

حين أفكر في حياتي أتخيل كما لو كنت أنظر إليها من بعيد، لأرى نمطًا أحبه من التواجد على كافة الأصعدة، عنوان رئيس هو كما قلت قبل قليل: القليل الدائم، بوتيرة هادئة. ولأني أحب القراءة، تعطيني قناتي في تلقرام شعورًا لطيفًا وأنا أرى إضافاتي فيها متتابعة تبعًا لما أقرأ، ومن هنا يأتي الحال تأكيدًا لفكرة تعظيم استشعار اللحظات الصغيرة اليومية والتي بدورها تشكل فارقًا حقيقًا. 

كوب القهوة والكتاب والمشاوير والرفقة الطيبة والدوام والقراءة والكتابة والنادي وتجارب الطعام والوصفات الجديدة والمعلومات والفوائد الغذائية الجديدة وتجربتها لأرى واقعية أثرها، والكثير، هذه الحياة بمعناها الشاسع شاملة أدق تفاصيلي لأعظمها، أنا أعيشها ثم أعيشها مرة أخرى بشعوري المرافق لها وهي طيفًا يدور في رأسي، لا أعلم كيف أعبر عن مدى غبطتي التي تطوف بي حقًا.

ربما أكثر من التحدث عن تفاصيل أيامي وأكرر، لأن الفترة الحالية هي أشبه بطوق النجاة وعودة بعد انقطاع دام لأشهر، فالعودة لي ولروتيني.. كانت عودة بتدرج وانتكاسات إلى الوصول أخيرًا والحمدلله. والأهم هي انتعاش نفسيتي ومزاجي وقدرتي على التعاطي مع الأمور ونظرتي للأشياء عادت إلى نسختها التي عهدتها عن مشاعل بعد ضباب وبرد قارس! 

٧ ديسبمر:
سمعت اليوم بودكاست Brain Science وقالت الدكتورة جملة رأيتها معبرة جدًا! كانت تصف مالذي يجعلنا بشرًا؟ وأول ما قالته: “Fundamentally, we’re designed to feel, and it is ironic because people actually have feelings about feelings!”

هذا المعنى العميق؟! لم أفكر فيه من قبل رغم كثرة تواجده في حياتي، هي ضربت مثال البكاء، أن تبكي أمام صديقك المقرب، البكاء هو الشعور الأول والشعور الثاني هو ما يكون حيال شعورك الأول لن يكون سلبيًا بمعنى لن تشعر بالغضب لأنك بكيت أمامه، فين حين لو أنك بكيت أمام مديرك في العمل فسيكون شعورك حيال هذا البكاء سيء، ومن هنا الشعور الأول البكاء، الشعور الثاني ما تشعره حول البكاء!! مثالها رغم بساطته إلا أنه جعلني أفكر أو استعيد لحظات مضيئة في حياتي شعرت فيها بشعور حيال شعور آخر أصلًا! اهخ عامة، الدماغ وكل ما اتصل به مدهش وعظيم وآسر وخلاب ودهشات وصدمات متواصلة لا تنتهي.

تعقيبًا على معرض الكتاب، تبدو زيارتي هذه المرة دون قائمة، إذ مثل هذا الوقت من كل عام عادة ما تكون قائمتي جاهزة، أتمنى تجربة ذلك. وعلى الهامش: سمعت خلال الويكند امشِ مع أمل السهلاوي، حديثها عن الكتابة هو بالضبط ما أريده وأتمناه، أن أكتب الأشخاص والأحداث والأفكار والشعور ببساطة! أشعر أني فقدت عفوية الكتابة لدي وتبقى الفكرة حبيسة رأسي -أضيء مصباح قراءة كتاب داء منتصف الليل: الدافع إلى الكتابة وحبسة الكاتب والدماغ المبدع- وااااو ويني عنه من أول؟؟؟؟؟؟

والآن، إلى تدوينة أخرى بعيدًا عن سرقة فقرات من رسائل مرسلة، اشتقت جدًا للكتابة هنا.

عوضًا عن رسالة 💌

-1-

أهلًا! أكتب الآن من مساء يوم الأحد، أكتب وقد هدأت بعدما كنت أشبه ما أكون على فوهة بركان أو أن فورانه كامن بداخلي. وهذه الجملة الأخيرة يلزمها تفسير بسيط وعودة للوراء قليلًا. كانت الأمور على ما يرام إلى مساء السبت وبالتحديد الساعة الحادية عشرة مساء وأربعون دقيقة، حينها تلقيت خبرًا بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. دخلت في حالة حادة لا مجال لذكرها هنا، لكن لو كنت أكتب رسالة طويلة لأسهبت. نعود إلى القشة مرة أخرى، بينما كنت أستعد للنوم وقد تأخرت، قلبت موازيني.. حاولت عبثًا تهدئة الأمور ونفسي ولكن دون فائدة! في حالة كهذه عندما أصل لقمة شعور ما، كنت دون تفكير أتجه إلى البريد لتفريغ ما أشعر به، نقله كاملًا مني إلى حروف تحمل عني ثقل ذلك الشعور. أكتب وأكتب وأكتب دون أي اعتبار يذكر أو فلتر يمنعني إنما أطارد المعاني حتى أنقلها وأتخلص منها وحينها فقط أهدأ. وأنا هنا لا أبالغ إن قلت هذه طريقتي التي اعتمدتها لسنوات وبالتحديد من 2013.

-2-
كتابة الرسائل الطويلة شأن أساسي في أيامي وهو أمر قد تحدثت عنه كثيرًا، إلا أن رسائل مسقط أمرها مختلف تمامًا. بدأتها في منتصف سنة 2013 مع صديقة عُمانية وبالتحديد من مسقط. كنا نكتب لبعضنا في كل حالاتنا، أشدها فرحًا وحزنًا وهشاشة وقوة. ثم لسبب لا نعلمه أو ربما لا سبب سوى أن انقضت هذه التجربة الطويلة والجميلة، كانت آخر رسائلنا مع ظهور كورونا أواخر 2019 إلى منتصف 2020، سبع سنوات من الرسائل الطويلة وبمجموع 136 رسالة متبادلة! عدت إليها وأنا أكتب هذه الكلمات لإلقاء نظرة لا أكثر. حسنًا، ستبقى تجربة الرسائل المسقطية هي التجربة الخام للمراسلة. تذكرتها بالأمس وأنا أقاوم رغبة بداية كتابة رسالة تلخص حالتي وما كنت عليه، أغالبها بنوم يزاحمه أرق! فوضى. إذا هذه المرة انتصرت وبجدارة على إلحاح الكتابة ذلك الذي يأتيني في كل مرة لأقول: يلا مشاعل! هذه ستكون الرسالة الأخيرة. إلا أنه وياللعجب آخر رسالة بعثتها لم أفكر في حينها بأنها ستكون الأخيرة لكن يبدو أنها كذلك -إلى الآن على الأقل-

-3-
ولأني لم أكتب البارحة ثم نمت، استيقظت اليوم -بكل واقعية- وأنا أحمل معي ذات الشعور الذي نمت عليه. رافقني إلى منتصف النهار تقريبًا. وأعلم جيدًا لو أنني استسلمت وكتبت لما استيقظت بذلك الحال. ولكن لا بأس، لابد من نقطة توقف، لن أنكر بأنها بالنسبة لي كانت من أجمل ما كتبت. ليس على مستوى اللغة إنما الشعور والفكرة. إلا أن هذا الانطباع قد اختفى مؤخرًا. لم تعد رسائلي كما كانت، لا بخفتها ولا تنوعها ولا محتواها أي مما اعتدته فيها، ولأسباب أخرى كان لابد من توقفها. وهذا التوقف لم يكن سهلًا وحتى هذه اللحظة أخشى ظهور شعور قوي يحرضني للكتابة وأنصاع لأمره وأكتب ثم أرسل! ولكن سأحاول بكل ما أملكه من تحكم بالأمور، أن أكتفي بهذا الحد، صار وكأنه توقف ضروري أكثر من كونه اختياري.

-4-
الحصول على متلقي لرسائلي ليس بالأمر السهل، فأنا أعرف معنى أن أنسكب أمام قارئ هناك في الجهة الأخرى يطلع على أحوالي ويومياتي وتفاصيلي الدقيقة مما لا يعرفه عني أقرب ناسي وأحبابي. لم أحظى بحرية الكتابة كما كنت مع المسقطية ثم مؤخرًا منذ عام ونصف مع س. غ. وهذه الأخيرة صادف أنها شملت فترة احتوت على أحداث وتغيرات محورية في حياتي لذا كانت رسائل من العيار الثقيل جدًا. حتى الآن لم أكتب كما كتبت في هاتين التجربتين وفي الحقيقة يصعب بحال من الأحوال الوصول لمتلقي جديد، على الأقل في الوقت الحالي، كما لا أتقبل فكرة (الانكشاف) على (شخص جديد) لذا سأتوقف مؤقتًا عن المراسلة وقد يطول هذا المؤقت ولا بأس في ذلك إلى حين الوصول لمتلقي تتوفر فيه الشروط والأحكام. هذا التوقف أشبه ما يكون بحبس أو منع ماء جار عن إكمال سيره، ما الذي سيحدث؟ بالضبط هذه الأعراض الجانبية شديدة اللهجة ترافقني وعلي الوقوف أمام أي نزعات عودة وتراجع! والأمر ليس بالسهل على الإطلاق. لكن دفاتر يومياتي يمكنها استقبال تلك الرسائل لأن محتواها محال أن ينشر في المدونة، إما رسالة أو دفتر وسيكون الأخير موطنها كما كان من قبل. وٍسأكتب هنا في مدونتي ما يقبل المشركة.
أكرر، الأمر ليس سهلًا كما أنه غير مستحيل.

على بعد مسافة آمنة

أهلًا، ها أنا ذا أكتب إليك مرة أخرى -بلفة- وفقًا للخطة المذكورة آنفًا في تدوينة حل والتي أساسها التدرج للتقليل من الأعراض الجانبية للانسحاب، أقولها (إليك) لكن الكاف هنا كاف خطاب عامة إلى حد أن المقصود بها هو كل من يقرأها، أنا أكتبها لك لكنها لم تعد تخصك وحدك.
تقول إسراء: أكتب إليك رسالات مطولات ، تطير الحروف سُدى، ويبقى شعورها متقدًا في قلبي.
وأعتقد بأن هذا أقصى ما يهمني الآن، أولًا: أن أكتب رسائل طويلة وثانيًا: أن يبقى شعوري متقدًا!

،

أكتب الآن حيث تشير الساعة إلى السادسة صباحًا من ثاني أيام عيد الفطر 43هـ. قبل بضع ساعات وعلى غير العادة كنا بالخارج أنا وماما حيث ذهبنا إلى الواجهة، قلت لها أنظري! ها قد وصلنا إلى اليوم الثاني من شوال يا سرع الأيام!! أعتقد بأن شعورنا بسرعة مرور الأيام يزداد مع المواسم المنتظرة والتي نعد أيامها مثل رمضان والعيد.

،

هل ترى كل الفوضى التي أعيشها؟ نعم ليست سيئة أو حادة لكنها تزعجني لحد ما ويلازمها شعور ناتج عن تراكمات وقرارات والكثير بينهما. بالعودة للوراء قليلًا أي ما يقارب أربعة أشهر من الآن حينها بدأت سلسلة هذه الفوضى، تخبطات متتالية وحيرة ويرافقهما قلق في بعض الأحيان، حالة ركض متواصلة وعلى جهات عدة، هنا بداية وهناك نهاية وضرورة أخذ قرارات صارمة وحالات عديدة تحت ما يسمى (طارئ). منذ بداية 2022 وأنا لست في أحسن حالاتي، وختامًا مع فوضى الوقت في رمضان وعلى مستوى الشعور والأفكار وصلت إلى أقصاي، وصلت للقمة. حتى اللحظة لم أصل للاستقرار بعد، هناك ما يحتاج إلى مواجهته وفهمه ومن ثم إغلاق ملفه، بحاجة للتركيز والتفكير بعمق وإيجاد حلول مناسبة. على يقين من أن كل شيء سيؤول إلى ما يناسبه لكن لابد من بذل الكثير. تذكرت هنا قول لمياء ذات مرة بأن مشاعل تختار الغياب عندما لا تكون بخير وهذا فعلًا ما يحصل حاليًا. الابتعاد والاختفاء هو الأنسب لي، ليس بالضرورة غيابًا تامًا لكنه ملاحظ، وهذا يشمل الواقع وتطبيقات التواصل.

،

أواجه أفكارًا وأسئلة كثيرة طوال الوقت وأحاول الوصول على الأقل لما يقنعني. هذه المرة ما زال الطريق طويلًا فهناك ملفات متعددة تحتاج إلى إعادة نظر وبعضها إلى إعادة ضبط المصنع! لدي وقتي ولست على عجلة من أمري لأن النتيجة ستكون كالقواعد والأساس.

على بعد مسافة آمنة هكذا اخترت تعريف نفسي في تويتر، مناسب للفترة الحالية، أتواجد على بعد مسافة آمنة من الجميع، تعريف حقيقي وواقعي ويلامسني ويتوافق مع ما أعبره من فترة (مضطربة)

ومن جهة أخرى، أعيش الآن فكرة: على بعد مسافة آمنة.
من كل وأي شيء. لا أرغب بأي شكل من أشكال الإضافة أو الاقتراب وهذا يشمل جميع جوانب حياتي. أريد لكل شيء أن يبقى كما هو، أن أحظى بفترة ملؤها راحة وهدوء. يقابل هذا ترحيبي بالحذف والتخفف. وسأبقى هكذا أقل مدة ممكنة وهي ستون يومًا. وخلال هذه المدة بحول الله سيحدث ما أنتظره، لذا الدخول في هدنة مع الحياة كاملة هو كل ما أريده الآن وأسعى إليه. يلازم ذلك بعضًا من شعور اللامبالاة لبضع جوانب كما أن الاهتمام والحرص ليسا جيدين على الدوام وبهذا فإن الهدنة تشملهما. وهذا بالضرورة يعني التركيز على ما هو أهم ومهم فقط.

حل

طريقتي الدائمة هي إيجاد حلول، حتى وإن لم تكن هناك مشكلة، كيف لهذا أن يكون؟ من باب التغير ربما. أحب تجربة أفكار متعددة لنفس الشيء. وهذا ما فعلته مؤخرًا تحت تأثير الفكرة الموجودة في هذه التدوينة. التوقف المفاجئ عن فعل أمر ما بطريقة محددة يبدو صعبًا ومهما حاولنا قد نعود إلى نقطة البداية لذا أعتقد دائما لابد من التدرج وهو أمر منطقي وبديهي، وهذا ما فعلته أو أظن ذلك. سأذكر طريقتي السابقة وهي اعتمادي على الكتابة لحظيا في مسودة إيميلي أو ملاحظات الجوال، على أن تكتب كل فكرة في حينها وتبقى كذلك دون تعديل إلى أن أرى اكتمال هذه الأجزاء لتبدو رسالة كاملة فأبعثها.

ومن هنا توقفت عن الكتابة بهذه الطريقتين حتى لا تكون امتدادًا لذات الخطوات السابقة والنهاية معروفة. واستبدلت كلًا من المسودات والملاحظات بملف وورد على لابتوتبي، لكل شهر ملف واحد يضم كل ما كتبته وبنفس أسلوبي في الكتابة: كلمة واحدة كعنوان يختصر كل ما أقول. بدأت هذه الحيلة منذ 20 مارس ووصلت الآن إلى ملف واحد لآخر عشرة أيام من مارس وآخر لأبريل ما زلت أكتب فيه. وسأستمر بالكتابة هناك إلى أن تخف رغبتي في إرسال ما أكتبه ثم بعد ذلك أعود لطريقتي القديمة لأن المسودات والملاحظات أقرب ومتواجدة معي باستمرار بخلاف اللابتوب وأنا أكتب في كل وقت وحين وبحاجة لتوفرهم الدائم.

لكن في المقابل، سعيدة لأني استطعت الكتابة في ملف وورد ولأني أرى أمامي تراكم الأيام واللحظات وهي مكتوبة في ملف واحد. كنت أتعامل مع تلك الرسائل كما لو أنها يومياتي، كما لو أنني أكتب مني وإلي بكل ما يعبرني من مشاعر وأفكار وحيرة وخيبة واحباط وخطط وطموح دون فلترة وهذا أمر مفضل وكذلك لشخص المرسل إليه نفسه وهنا تكمن صعوبة التوقف وبقليل من التفكير، أنا كنت أكتب من قبل ولم أكن أرسلها لأحد فلماذا الآن بات إرسالها أمر ضروري؟ لماذا ارتبط ذلك النوع من النصوص بفعل الإرسال؟ بالطبع لا رابط بينهما سوى في رأسي لأني أردت ذلك وللجمال الذي كنت أعيشه فيما أكتبه والآن ببساطة يلزمني التوقف. التوقف عن الإرسال لا الكتابة.

رسائل لن تصل

ذكرت سابقًا في رسالة ما بأنني سأبدأ الموسم الثاني season 2 من سلسلة رسائلي، الموسوم الثاني بالنسبة إلى ذلك البريد بعينه وإلا فإن رسائلي بسنواتها الطويلة تجاوزت فكرة كهذه. لكني لم أحدد مكان ولا هيئة هذه البداية أو يمكنني ادعاء ذلك الآن. وكما هو معروف، فإن كتابتي للرسائل تمامًا كاليوميات لن تقف لأي سبب كان. قد تتعثر أو تتأخر أو تتغير بعض تفاصيلها مثل بريد المرسل إليه أو طريقة كتابتها أو حتى موعدها، لكنها أمر ثابت في أيامي.

وهذا ما سيحدث. لأول مرة، عوضًا عن مرسل إليه واحد كما اعتدت، ستكون مشرّعة لكل العابرين من هنا قلوا أم كثروا. أقول هذا وأشعر بغرابة لأني اعتدت لسنوات أن تكون رسائلي موجهة لشخص واحد دائمًا ولأن للرسائل ما يمزيها لدي ويجعلها دون غيرها مما أكتبه، لها سطوتها علي وهي تكاد تلازم كل أوقاتي كمسودات ممتدة إلى حين إرسالها. لكن لم لا أجرب عكس ذلك؟

في الفترة الحالية، لا آبه لأي شيء، تمامًا كشعوري فترة ٢٠٢٠ مما دفعني حينها إلى كتابة يومياتي بالتزام يومي هنا في المدونة ولمدة ستة أشهر. تخرج من وراء حالة اللامبالاة هذه الكثير من النصوص، لذا لا بأس إن عشتها مرة أخرى. والآن الأمر مشابه إلا أنه مع الرسائل بدلًا عن اليوميات.

لم يسبق لي كتابة رسائل هكذا يقرأها الجميع، أحب في الرسائل بالذات خصوصيتها وأن أعرف المخاطب، فلكل شخص ما يميزه وينعكس هذا على محتوى وطريقة كتابة الرسالة نفسها. أما الآن سأرى كيف تبدو وهي ليست مرسلة لأحد بعينه ولا أعلم إن كنت أستطيع أن أحذو بالأريحية حذو رسائلي السابقة. لكن إذا ما فكرت بالأمر، أجد رسائلي بشكل أو بآخر هي عبارة عن يوميات لكن بتفاصيل خاصة بها!

على كل حال، سأرى!

مسوّدة

كُتبت في البداية كمسوّدة لرسالة طويلة موجهة لشخص واحد وانتهى بها الحال إلى تدوينة، لكل المارين من هنا.

10 نوڤمبر

أفكر اليوم -بكل نرجسية ربما- في كم الأفكار التي لو حولتها لواقع كيف ستكون مغرية وغنية وممتعة لي أنا شخصيًا! تتوزع بين مشاريع كتابة وأخرى ثقافية وبعضها تجارب وسلاسل ممتدة < الأوصاف توحي بضخامتها وهذا ما يلائمها رغم بساطتها. أتعلم تلك الحالة التي تصلها لكثرة انشغالك ثم تبدأ تخترع؟ هذا حالي بالضبط. بين مشاريع ترجمة ومشاريع كتابة (تدوينات) ومشاريع قراءة ومشاريع تصوير وسلسلة تجارب لأماكن معينة في جدة وتجارب توثيق بنمط يتكرر. اعتدت سابقًا تصوير ثانية واحدة فقط لتكون الأهم في يومي ثم أجمعها آخر السنة في فيلم يصل لست دقائق، أيضًا سيلفي كل يوم بأبعاد ثابتة لوجهي ثم تجمع كفيلم سريع وأرى كيف تغيرت، هنا حبة اختفت وهنا شعري ازداد طوله وهنا وجهي مورّد وهناك مصفر وهنا هالاتي تكاد تبتلعني وهكذا. أيضًا كنت أصور #فوتوغرافيا_الانتظار وأخرى #فوتوغرافيا_الأسقف و#قراءات_الانتظار وكلمة كل بداية أسبوع دراسي و٩صور ملخص لأسبوع العمل وكتاب الجمعة وفيلم السبت.. لدي الكثير من هذه الارتباطات والتي افتقدها وأتمنى العودة لمثلها. 


صحيح أني في الكتابة ثرثارة وجدًا لكن هذا خلاف الواقع، حيث أستمع أكثر بكثير مما أتكلم ولولا المدرسة واحتساب عدد كلماتي في شرح الدروس والتواصل مع طالباتي وزميلاتي يمكنني الدخول في مسابقة العيش بأقل كلمات منطوقة في اليوم الواحد لكن بالطبع لن أفوز بالمركز الأول ولا الثاني ربما الثالث. وهذا أسبوع المراجعة، في اليوم الواحد يتراوح عدد حصصي بين أربع إلى خمس لا وجود لثلاث حصص، وطبيعة المراجعة ليست كالدروس، أتكلم أكثر. اليوم دون مبالغة صوتي فحط وأنا أراجع. احححح احمممم اححممم عفوًا، ولكن البحّة أبت إلا البقاء وأكملت بصوت مجروح مـ< هناك وصف آخر يناسب الصوت المبحوح لكن رأسي لا يسعفني!