لستَ بحاجة لبذل جهد إضافي على معيار الذكاء الاجتماعي لتدرك مشكلته، كان شخصًا رغم كل ما يقدمه على جميع الأصعدة، الاجتماعية والعائلية و و ، يفتقد شيئًا من الاهتمام والالتفات إليه ما يجعله يسعى للحصول على جرعات متفرقة منه ومتواترة. ربما هو لا يدرك، ولن يلاحظ سعيه الدؤوب هذا من حوله، الكل يراه منشغلًا بأمر ما، هو ذاك الشخص الذي تعرفه لكنه مشغول مشغول مشغول! وحتى انشغاله لم يفهم كما يجب.
ببساطة شديدة، متماسك من الخارج وفتات من الداخل، هو يفتقد التقدير والشكر والاهتمام، الذي يفترض أن يتلقاهم نظير صنيعه وعيشه وتواجده ولأنه هو كما هو فقط! الأدهى من ذلك، هو بحاجة ماسّة للتأكد من أنه ما زال (مرغوبًا) أو (مقبولًا) أو (يمكن الالتفات إليه) يقاوم تفكيره المختل بمحاولات ابتعاده عما تمليه طبيعته، ليعود بعدها إلى أساسه النفسيّ مثقلًا بألف عذر يسكت بها صوته الداخلي -إن وجد-
والآن، خذ كوب شاي وتفضل بالجلوس بعيدًا ثم تابع المشاهد، سترى شخصًا وحيدًا رغم من حوله، هو لهم في حكم المعتاد، موجود لكن لا أحد يلتفت لهذا الحضور الدائم، فقط راقب وسترى هذا جليًا في الطريقة التي يختار أن يقول بها: أنااا هنااااا أو كيف يعرّف عن نفسه، ما الأشياء التي يقدمها وكيف؟! ما المواقف والقصص التي اعتقد أنها مهمة جدًا لدرجة عرضها على شخص للتو تعرف عليه، أوصيك بملاحظة الانطباع أو الفكرة المشتركة بين ما يقول، ليسهل عليك معرفة ما يجهد لإيصاله محاولًا به اقناع نفسه قبل غير حاشيًا الكثير من المبررات.
لأول مرة أعرف شخصًا جيدًا بظروف محيطة قاسية، هذه الوصفة ملازمة منذ الطفولة، انعكست جليًا فأنتجت توليفة شخصية عجيبة، شخص يسعى دومًا وللأبد لإثبات أمور عدة في حين أنه يدعّي خلاف ذلك، لا عليك صديقي، فقط اجلس ولاحظ، هل انتهيت من كوب الشاي؟