بصمت.. حتى لا تعرف جدتي

جذورًا من جنوب غرب المملكة، وانتقالًا إلى غربها، وانتهاءً بجنوب شرق آسيا، هذا ما كنتُ أفكر به وأنا في الطريق إلى مطعم سوشي في عزّ القايلة -كما يقولون- بناء على طلب فريق البنات في العائلة.

بالعودة إلى بداياتي مع السوشي، كنت أرفضه رفضًا قاطعًا، حتى أقنعتني ذات يوم زينب وبالتحديد سنة 2018 إذ ما زلت أرى علاقتي به حديثة عهد. أقنعتني لأن المطعم في أساسه كان لذيذًا في كل الأطباق التي كنا نطلبها (P.F. Chang’s) من هذا المدخل، ومع شرط أن يكون مطهوًّا جيدًا، قبلتُ التجربة! ثم تقريبًا يعني أدمنته، ولكن بقيت على مطعم واحد وبطلب واحد فقط.
منذئذ وحتى تحديث أخير -أيضًا عن طريق زينب يبدو أنها مهكرتني- انتقلنا إلى (Ashi sushi) في الحقيقة، الأخير بالنسبة لي يتفوق بمراحل، وعليه ثبّتُ طلبي كما أفعل عادة: كرانشي شرمب و كريزي كراب، ولا شيء على الإطلاق سواهما.

جميع أفراد عائلتي من الجيل الثاني يرفضون قطعًا التجربة، إذ يظنون أنهم سيأكلون طبقًا نيئًا! وطبعًا لا مجال حتى للتفكير في المحاولة مع الجيل الأول. لذا توجهت إلى الجيل الثالث – نحن الحفيدات – مع أن بيننا أجيالًا (بينيّة)، وأنا بطبيعة الحال من الجيل الأقدم. المهم، هذه الأجيال يسهل تهكيرها، مثلما حصل معي وزينب.
كنت في البداية أحدثهنّ عنه حتى رغبنَ يومًا في تجربته. وعليه، عزمتُ بعضهن. كانت في البداية كمكافأة لإحداهن، لكن النتيجة؟ سُحرن، تمامًا كما حصل معي أول مرة. واتفقنا على تكرار التجربة مرارًا، شرط أن تكون معي وهذا ما حصل فعلًا، كان شرطًا للنكتة، لا أكثر. < لست ديكتاتورية تقريبًا..

أنا نسيت موضوع الاتفاق، لكنهن لم ينسين، ذهبنا مؤخرًا بطلبٍ منهن، خرجنا الساعة 1:30 ظهرًا وشمس جدة لا تمزح على الإطلاق، والمشوار طويل لأن الفرع الأقرب أُغلق، لكنه ببساطة يستحق عناء السفر إليه، يستغرق المشوار قرابة الأربعين دقيقة. أخذتني هواجيس الطريق كثيرًا: أين وكيف بدأ السوشي؟ ثم تطورت الحالة وبدأت أتخيل خريطة العالم أبحث فيها عن خيوط تربط بين السوشي وبيننا، نحن في هذه السيارة الصغيرة وهي تشق طريقها في غرب شبه الجزيرة.
ثم أضفت عامل الزمن إلى المكان، ماذا لو التقيت أحد أجدادي من أي جيل قديم؟ ونحن على وجه الخصوص لدينا سفرة زاخرة بالأطباق غاية في اللذة والتنوع. كيف أخبره بأننا في لحظة غادرنا كل شيء واتجهنا نحو السوشي؟ ماذا عن المرسة والحيسية والمغش؟ هل قصّر السمك المكشن في شيء؟
والحفيدات صعّدن الأمر قليلًا، وبدأن أمامي يظهرن مهارتهن في استخدام Chopsticks في حين أني اكتفيت باستخدام الشوكة من باب حفظ هيبة الجيل الأقدم -لا أعرف كيف استخدمها-.

وصلنا وطلبنا وتخمنا ثم عدنا، بصمت إلى حد ما، في محاولة لمداراة ما هو قائم وطريقة نعتذر بها لأطباقنا اللذيذة أو على الأقل حتى لا تعرف جدتي🤫.

3 رأي حول “بصمت.. حتى لا تعرف جدتي

  1. تريثي قليلاً قبل استخدام تصنيف الجيل الأقدم، ستأتي الأيام و اقبليها في وقتها يا خالة و بعدها يا أمي

    ربما لو رأت الجدة ما هو السوشي ستقدمه كطعام للقطط، لم لا تجربين السوشي النيء مع الواسابي فربما يعجبك ذلك أيضاً، على فكرة السوشي حديث نسبياً ربما تسعدينا بمقال عن تاريخ السوشي بحبرك.

    إعجاب

    1. الجيل الأقدم لأن الفاصل الزمني بيني والحفيدة التالية لاحظي التالية يصل إلى ١٢ سنة.
      لا أستسيغ أي طعام نيء إضافة إلى أن الواسابي لم يرق لي.
      مع السوشي سأقف حيث وصلت لا مزيد من أي تقدم.

      إعجاب

أضف تعليق