كانت تصفني ماما بـ الباردة وذلك لأني أجهز كل شيء في الوقت الضائع، لا أتأخر ولكن لا أنجز قبل الوقت المحدد بفاصل زمني طويل، كانت ملاحظتها متعلقة أكثر شيء بتجهيز الحقائب أو غسل الصحون أو تقطيع السلطة أو الاستعداد للخروج وهكذا، بقيت ماما الوحيدة التي تصفني بذلك وكنت أعيد الأمر إلى ملاحظات الأمهات لا أكثر إلى أن ظهرت رحاب، سونيك في أيامي، ثم تكررت الملاحظة بشكل أو بآخر وقد تحوّلت في بعض الأحيان إلى وصفي بالهدوء، آخرها من فاطمة: مشاعل انتي تتكلمي عن اصعب اوقات في حياتك بكل هدوء، لو انا احكي عنك راح اكون متحمسة اكثر منك! وبالعودة إلى رحاب، في الحقيقة طالباتنا عندما ينتقلون من تدريسي إلى رحاب فإن الملاحظة الأولى التى أجمع عليها الجميع تقريبًا هي فرق السرعة! بين كلامي وشرحي وحركتي ورحاب *صوت ضحكة* ثم تعليق بعض الأشخاص المقربين.
ملاحظة: لا يمكن بحال من الأحوال أن نسير أنا ورحاب بجوار بعضنا، يستحيل وهو أقرب للخيال منه لأي واقع، ولولا الخصوصية لشاركت عشرات المقاطع وهي تسبقني بما لا يقل عن خمسة أمتار، في كل مكان!

مكنتني قراءة الفصل الأول من كتاب جغرافيا الوقت من تشخيص اختلافنا بدقة: نحن نختلف في الإيقاع- سرعة الحياة. والذي عرّفه الكتاب بـ: إن إيقاع الحياة هو تدفق أو حركة الزمن الذي يختبره البشر. وكلمة إيقاع مقتبسة من عالم الموسيقى، حيث الإيقاع السريع أو البطيء أو التأرجح بينهما، مسقطًا هذا المعنى على حياتنا أو الزمن الإنساني كما أسماه مؤكدًا بـ أن هناك فروقًا حضارية وتاريخية وفروقًا بين الأفراد في إيقاع الحياة. ثم توسع الكاتب في تفسير معناه ولكن على مستوى الدول والمجتمعات عازيًا إلى تأثير الجوانب الاقتصادية والصناعية ثم الطقس وأخيرًا تأثير ثقافة المجتمع أهي فردانية أم جمعية.
الفصل الأخير هو موجز ما تقدم لأنه تحدث عن الفرد بعنوان «إيقاع طبلتك الخاص: يمر الوقت بسرعات مختلفة لدى الناس المختلفين» يقول: بحاجة إلى الحذر لكي لا نبالغ في التعميم بخصوص الناس «السريعين» و «البطيئين» وكما هو الأمر بخصوص الثقافة، فربما يختلف إيقاع الشخص الواحد بدرجة كبيرة وفقا للوقت والمكان والعمل الذي يؤديه. ثم ألحق بقائمة من خلالها تقيّم نفسك، منها الاهتمام بالوقت المبين بالساعة وأنماط الكلام وعادات الأكل وسرعة المشي وقيادة السيارات وجدول المواعيد ووضع القوائم والطاقة العصبية والانتظار والتنبيه من الآخرين. حين انتهيت من قراءة القائمة ضحكت لأن جميعها بلا استثناء مررنا أنا ورحاب بمواقف نثبت من خلالها اختلاف إيقاع حياتنا جذريًا! مضحك، لماذا رحاب فقط؟ لأنها أكثر من عملت معه وعملنا مشترك ندرّس نفس المرحلة، إضافة إلى قضاء الكثير من أوقاتي معها سواء داخل أو خارج مقر العمل، فكانت مساحة ظهور الاختلاف واسعة جدًا، مما يسمح بملاحظته على أصعدة مختلفة. القائمة بيننا تطول وكذلك المواقف، حقيقة العيش مع شخص مختلف الإيقاع عجيب وغريب ويرافقه الكثير والكثير والكثيييير من الضحك الذي أساسه يعود إلى هذا الاختلاف. *أكتب وأتذكر وأضحك* حتى على مستوى الرسائل الصوتية، رحاب تقول: مستحيل اسمع لك صوت إذا ما كان مسرّع على 2x. أنا ورحاب لا نقف عن إرسال مقاطع خصوصًا في تيك توك وانستغرام لأصدقاء مختلفين بحيث أحدهم يمثلني والآخر هي، قبل كتابة هذه التدوينة ببضع ساعات أرسلت لي مقطع أضحكني مررة.

الجدير بالذكر، المرة الوحيدة التي قيل لي فيها: انتي دايمًا كذا سريعة؟ وحينها ابتسمت من التضاد العجيب، ملاحظة على غير العادة، كانت من طالباتي فقط عندما انتقلت إلى تدريس الفيزياء في المرحلة الثانوية مع مناهجهم غير النهائية، يبدو هي المرة الوحيدة التي كنت فيها أركض. الجدير بالذكر ٢: سجلت مؤخرًا Voice Over لعمل وكان تعليق التي طلبتها إعطائي ملاحظتها لخبرتها: اممم هو حلو بس انتي شوي بطيئة < ضحكت وأعدته حتى ضبطت السرعة المناسبة.
وهذه فقرة أظنها مهمة:

أختم أيضًا بهذه الفقرة وقد أرسلتها لها، بوصف يختصرنا في كل المرات التي عملنا فيها على أمر عاجل وحسّاس.. للأسف الزوج هنا أنا بينما المتحدثة رحاب:

ملحق بجزء من محادثتي مع رحاب وعاملي السرعة والبطء حاضران وبقوة -وما خفي أعظم-:








ختامية:

اختلافكم ممتع ، اللهم بارك .
إعجابإعجاب