نحن هنا من جديد، أعني في السابع والعشرين من يونيو -مرة أخرى- سبحان مبدل الأحوال هذا ما يسعني قوله قبل أي شيء، عدت إلى تدوينة العام السابق.. ولا أجد إلا الضحك والضحك ثم الضحك مرة أخرى، تدوينات أعوامي وهذه العادة التي بدأتها منذ أن كنت في السابعة والعشرين من عمري، كل عام يحمل معه طابع خاص به لكن هذه المرة مع الفرق بين ما كان وما وصلت إليه يدعو للسخرية، تدوينة العام الماضي كانت مختصرة لكن معناها في قلبي كان شاسعًا متضخمًا وعلى ضوء ذلك ومع خلاف المراد، كان الأثر كذلك. لكن من يقرأ تدوينة العام يكاد يصله شعوري أو على الأقل ما تحمله حروفها بوضوح.
قلت بأن عام 31 كان الاستثناء، مع ثباته واختلاف معناه سيبقى استثناء كما كان بالفعل، لأن الشعور في أساسه لا يتبدل بهذه السرعة، نحن لسنا آلات بضغطة زر كل شيء يتحول! لكن الحيثيات تحولت تمامًا ونفس هذا الاستثناء قدم لي درس ذاتي قوي جدًا وحاد وقاسي من نفس ما أعطيته من (استثناء) لم أتخيل في يوم ما أن أصاب بخيبة كتلك التي عشتها، لا سببًا ولا مسببًا ولا حجمًا ولا ألمًا. لكن في كل مرة كنت أشعر بوخزة في قلبي، كنت أعيد اللوم علي في بادئ الأمر، وما زلت أعتقد بأني الملامة أولًا وآخرًا… ولا مجال لتوضيح أو تفسير أو شرح أي تفاصيل، لكن ما يمكنني قوله بصوت مرتفع: لا تقدم غيرك، ولا تتنازل، واتبع ما يخبرك قلبك بهمس لأنه الأصدق ولا تقاوم شعور عدم الراحة لأي تفصيلة وإن صغرت، ولا ترفع سقف التوقعات والعشم، مرة أخرى: لا تقدم غيرك على حساب نفسك، إطلاقا.
في خضم خيبتي، ومحاولات جمع أطرافي كنت أحاول وأحرص على ألا يتحول الأمر إلى صدمة بأثر ممتد يشمل أي تجربة لاحقة، ولا إصدار تعاميم تجمع البشر كافة، ولا إطلاق تصورات وقوانين أو قواعد، كان يلزمني وضع حدود صارمة لأثر كل ما كان وتقييده، وأهم نقطة وهي التي يمكنها قلب موازين الأمور: نظرتي عن مشاعل! لا يمكن بحال حتى وإن لمتني في أوقات، أن أهز صورتي عني، لا أحد يعرف المرء كنفسه ثم مرآة الإنسان من حوله ومن يعاملهم يوميًا ويلتقيهم، أنا أعرف مشاعل وأعرف نقاط ضعفها تمامًا كمعرفة نقاط قوتها، في حال ضعف كهذه يجدر بنا ألا ننسى من نحن! حقيقة هذا شأن ضروري جدًا ونقطة فارقة. الخروج من هذه التجربة لن يكون دون ندوب أو ندبة واحدة، لكن من المهم ألا تكون (مشوهّة) لا نفسيًا ولا فكريًا ولا على أي جانب، هذا أهم ما حرصت عليه، وهذا صعب جدًا. الكلام يطول.. ولا يناسب تدوينة. لكن يجدر بي قول أن الأمر رافقته تعقيدات عجيبة، حين أتأملها الآن! لا أعلم ما أقول لكن على يقين بأن كل ما كان إنما لحكمة.
أكرر: هذا ليس سهلًا وأنت تحمل جرحًا في قلبك، إعادة تقويم قلبك ونفسيتك ونظرتك للناس والحياة، وشخص مثلي دقيق ويهتم بالتفصيل، الإدراك اللاحق كان يزيد الطين بلة. كما أني استغرق وقتًا طويلًا ، لست ممن يجيد القفز في هكذا أمور. موطن السخرية أمر جاء لاحقًا ولا أحد يعلمه < لا أحد بمعنى لا أحد بلا مبالغة حتى أهلي وأقرب ناسي< إلا أنا وشخص واحد فقط، ثم حصل أقرب ما يكون لدراما رخيصة -ضحكت وأنا أكتب لأني تذكرت-
لم أكن أعلم بأن تجربة واحدة وقصيرة قادرة على زعزعة ماء راكد إلى هذا الحد، لا أحد يعلم لأني لم أشارك أي مما كان يجول في نفسي، وهذا خطأ مني لكن حرصت على ذلك.. كنت أكتب وأكتب وأكتب، وارتكبت سلسلة مما أسميه:حماقات. لست نادمة على أي منها، لكن أظنني إن كان للندم وجود سيكون لإتاحة تجربة كان من باب أولى رفضها منذ البداية لأسباب واضحة ومهمة وجوهرية وأولوية. انتهت، وأخذت وقتي وزيادة، وخصصت تدوينة العمر هذه المرة إكمالًا لما كتبته في العام السابق. وكالعادة مرور الوقت يخفف من حدة كل شيء، بعد صولات وجولات، هدأت وعدت إلى إعدادات مشاعل الأساسية وتقلص حجم كل شيء تقريبًا.
بالحديث عن حياتي خارج ما كتبت أعلاه، سأذكر شيئًا واحدًا فقط، تجربة الانتقال والتدريس في قسم الثانوي.. كانت تجربة ممتازة وحازمة وغيرت الكثير، لكن مشكلتها جائت في فترة تخطي ما كان، وهذا كثير على مشاعل، حتى مع سنوات خبرتي لأني أفضل الاستغراق والانتقال إلى قسم جديد يرافقه الكثير من الجديد والمختلف، كل فصل مادة وكل فصل صف < وهذا يعد كثثثثثير لشخص يميل إلى الانتقالات والتغيرات الهادئة. لكن على الخلاف، كنت في حالة ركض متواصل، الفصل الأول: الهندسة، الفصل الثاني: فيزياء ١، الفصل الثالث: فيزياء٢. بعد انتهاء السنة يمكني قول تدريس الفيزياء ممتع، بعد سنوات من تدريس العلوم.
سنة بدروس تفوقني والله، أثقلتني وتعبت لكن قاومت، مررت في حياتي بما هو أقسى وأشد وأسوأ مما كان، بهذه الجمل كنت أواسي نفسي هههه، الحياة لا تقف ولعل في كل هذا حكمة يعلمها الله جل في علاه، وإدراك رحمة ولطف الله هنا المواساة الحقيقة، والتسليم والرضا فعلًا وليس قولًا يردد.
ويعني.. احنا تجاربنا في هذا العمر، مرة فوق ومرة تحت، عادي.. نتألم حبتين ناكل هوا ونتعلم ونمشي.
كتبتها دون تخطيط، بل كنت سأتجاوز تدوينة يوم الميلاد.. لكن لا ،لست من يخاف التقدم في العمر أو لم يحن سبب انقطاعي عن هذه العادة بعد.
والقادم أجمل بحول الله ولطفه.