إنه الخميس مرة أخرى!

إنه الخميس، وهذه المرة جاء بعد طول غياب، ليس في حضوره إنما في حالي المرافق له، اليوم عدت إلى ما كنت عليه وما اعتدت أن يكون من نفسي وطبعي وفكري، عدت نفسيًا وذهنيًا ومشاعريًا إلى مشاعل التي ابتعدت عنها لفترة كنت خلالها لا أقف عن محاولات الرجوع. وأعني بالعودة والرجوع، أن أقضي أوقاتي بتلك الحال التي يغدو فيها ذهني خاليًا مما يعبره قسرًا! يظهر في كل وقت وحين، دون استئذان ولا يستجيب لطلبك منه بالمغادرة.

الأمر طبيعي جدًا، فالانتقالات السريعة المفاجئة كما كتبت هنا سابقًا تأخذ وقتها معي، وأنا أنتبه إليها وأسجل في يومياتي تفاصيل التحديثات القائمة. كتبت كثيرًا، وكنت في بادئ الأمر متقلبة حادة إلى ما يقترب من التضاد والنقيض، كنت أعيش كل حالة كما يجب، ومحاولات العيش مستمرة، خطان متوازيان أحدهما يسرق اللحظة والآخر يحاول عيشها بأفضل ما يكون أو ‏حققت المعنى الكامن في هذا السطر: ” طاف في دوائر لا تنتهي. أعطى نفسه أن تضيع.” درت وضعت كثيرًا، وأبدو لمن حولي أنا كما أنا لا اختلاف، في حين أني كنت أقطع شوطًا ثم ما ألبث أجدني محتدمة عند نقطة البداية من جديد!

الأربعة الأسابيع الأولى، كنت ظاهريًا على ما يرام، إنما السر كله في الداخل، أنا مع نفسي! كنت مثقلة، محبطة ويغلبني شعور الخيبة لأسباب تخصني، وأفكار في معظمها متضخمة والكثير من الحيرة والأسئلة المعلقة، فمغادرة المنطقة الخاصة أمر مرهق، لا يُتجاوز بسهولة وكأن شيئًا لم يكن، وهنا أتذكر ما مر بي ذات يوم وأنا أقرأ: “كنت أتركه ينتقل إلى المكان الثاني من اهتمامي.” هذا الانتقال يأتي حاملًا معه أثقاله، وكما قلت أيضًا أنا استغرق وقتًا أطول، لا أضغط على نفسي، أفرغ كل شيء حتى لا يبقى ما يضطرني المكوث لفترة أطول.

استغرقتني هذه العودة 11 أسبوعًا، لم ألاحظها اليوم فقط، تحسن الحال بما يرضيني منذ أسبوعين تقريبًا، لكن هذا الأسبوع كان من السهل ملاحظة العودة داخليًا، عودة شعوري وتفكيري وصوت حديثي ونوع الأفكار و و و. عدت مشاعل التي أعرفها، أضحك وأشاغب وأحارش من حولي هذه مقايسي، صحيح أن طبعي يميل للهدوء، لكن في الوقت ذاته أنا أشاغب (لفظيًا) عاد الهدوء دون شعور سلبي وقل الانفعال والاستغراق في الأمور دون أي مرافق قسري، لا مشتتات (داخلية)، رافق ذلك عودتي للأنشطة المفضلة.

وهنا أتذكر الاستئناف بشكله: “وأن أتابع دون انقطاع ما بدأته من تصعيد منذ ولادتي.” و “نحن ما نحمل في قلوبنا من فُتات الحنين، وما نخزنه في ذاكرتنا من جداول التجربة.”

بصوت مرتفع: إنه الخميس، وأي خميس!

أضف تعليق