للمرة الثانية أشاهد فيلم CODA على الأقل أكملته هذه المرة، فالمرة الأولى كانت سنة 2020 وحين سجلت دخول إلى حسابي كان ما زال تطبيق Apple TV محتفظًا بدقائق مشاهدتي، وعلمت بأني وصلت إلى النصف ساعة الأولى. لا أتذكر منها إلا مشهدًا واحدًا في أحسن الأحوال، لكن أتذكر جيدًا انطباعي بأنه فيلم جيد جدًا، من النوع المفضل على الأقل.
وتذكرت حينها -2020- محاولاتي للقراءة والمشاهدات التي كانت تنتهي دون إكمال لأي شيء منها، كان ذهني مشغول لدرجة أعجز من خلالها فهم الكثير من الدلالات الرمزية لكل ما يعبر أمامي بما في ذلك من نصوص أو مشاهد.
وعليه سحبت مؤشر الوصول الواقف عند الدقيقة الثلاثين إلى الثانية الأولى، أعدت مشاهدة الفيلم من البداية، CODA بفكرته يشبه كتابًا كنت قد قرأته واسمه: يدا أبي، الفكرة باختصار تحكي قصة لأفراد طبعيين ولدوا لوالدين صم، الكتاب رائع وكذلك الفيلم! والاثنين مبنيين على قصة واقعية وكلامها تطرق لنفس الأفكار تقريبًا لكن الفيلم لأني شاهدته اليوم فأنا ما زلت تحت تأثيره. شخصية روبي وهي بوابة أهلها للتواصل مع العالم الخارجي، وكيف تتداخل وتتقاطع المصالح الشخصية مع مصالح العائلة، وظهر في الفيلم ما أفضله، عوالم متداخلة للفرد الواحد وذلك أن تكون جزءًا من عائلة بكل ما تعنيه الكلمة ثم كذلك في الجهة الأخرى لك عالمك الخاص والذي عادة لا يشاركك به أحد، هكذا كانت روبي مع مسؤولية إيصال صوت أهلها للمجتمع ورغبتها في الالتحاق بالجامعة مما يعني انفصالها عنهم ورحيلها لمدينة أخرى.
من المشاهد المؤثرة، طلب منها أستاذ الموسيقى وصف شعورها عندما تغني، حاولت بالكلمات لكن انتهى بها الحال برفع كتفيها تخبره من الصعب وصف ذلك! طلب منها المحاولة، عندها فقط بدأت وصف ما تشعر به بلغة الإشارة، ابتسم الأستاذ ولم يطلب منها ترجمة ما قالته، ما يهمه أنها عبّرت! ومن هنا يفهم بأن لغة الإشارة هي اللغة التي اعتادت بها التعبير عن مشاعرها، ويعود ذلك إلى تواصلها مع أفراد عائلتها.
ومن هنا بعد الفيلم ومن قبل الكتاب، أفكر بمشاهدة كل أو جزء من مقابلة الممثلة ليلى عبدالله وحديثها حول والديها كونها هي كذلك مولودة لوالدين صم.
أكثر ما أعجبني، وهي إجابة لفضول رافقني طوال الفيلم، لكن المخرج كان ذكيًا بما يكفي ليروي فضول أمثالي من المشاهدين، كنت في لحظات أتسائل عن الصمت والهدوء التام الذي يعيشه الأصم، كيف يرى كل هذا الضوء والحركة دون أن يعبر رأسه منها أي حس؟! وإذ به وفي أهم مشهد يعتمد على الصوت اعتمادًا تامًا وفي مسرح المدرسة، ينقل لنا تجربتهم: مشهد يصل إلى نصف دقيقة بلا أصوات! نرى كل شيء وصمت مطبق.

اليوم عدت أشاهد الأفلام بطريقتي القديمة المفضلة، بجواري دفتر يومياتي مفتوحًا من الجهة المعاكسة لمسار يومياتي، عنوان الفيلم وقائمة وصلت إلى الرقم 15 أكتب فيها ملاحظاتي وأفكاري واقتباساتي، ولعل بهذا عودة إلى متابعة الأفلام والمسلسلات بجوار القراءة والكتابة.