
هدوء ما بعد العاصفة أولى بالقلق من قبلها، أنت الآن في مواجهة ما خلّفه مرورها، تحاول جاهدًا إعادة ترتيب الفوضى المنتشرة وانتشال نفسك أو ما تبقى منها.
هدوء ما بعد العاصفة أولى بالقلق من قبلها، أنت الآن في مواجهة ما خلّفه مرورها، تحاول جاهدًا إعادة ترتيب الفوضى المنتشرة وانتشال نفسك أو ما تبقى منها.
أكتب الآن وأنا مثقلة ومحبطة وشعوري متضخم جدًا، أعلم بأنها حالة مؤقتة لكنها تحمل الكثير، اليوم وبالتحديد قبل قليل حدث ذلك الانفجار الذي لا أحبذه وأحاول جاهدة الابتعاد عنه وقد مضت فترة طويلة منذ آخر مرة. كنت أظن بأني خرجت من منطقته لكن يبدو بأن أسبوعي الحافل أعادني إليها.
اليوم الثلاثاء ومنذ الخميس الماضي ووفقًا لما هو قائم الآن، كانت تدور في رأسي واقعية فكرة أنك وإن ازدحم حولك العالم أجمع إلا أنك تعيش حياتك بكل تفاصيها وعمقها وحدك! فكرة بديهية لكن في ظروف معينة تبدو موحشة وغريبة. أن تمضي في تقاطعات يومك وحيدًا وبصمت ولا يتجاوز حديثك قالبًا معينًا أنت مضطرًا إليه أو حديثك مع نفسك وأنت تواسيها وتحثها لمزيد من الصبر والتحمل والاستمرار، وأنت تحاول فهم واستيعاب ما يحدث وربما تبسيطه للتخفيف من واقعيته، وأن تهمس: معليه كله بيعدي في الأخير.
أدرك جيدًا أن كل ما أمر به هو مؤقت، ذلك الذي يرافق بدء روتين جديد طويل وثقيل. لكنه يجعل يومي هائلًا ومتعددًا ومحتشدًا ومحشوًا بمهام لا نهائية وساعات نوم أقل من أي فترة مضت في حياتي وإرهاق متواصل ورأس ثقيل وصوت مبحوح مرهق… الأعراض المصاحبة لفترات الضغط المرتفع. ولا أحد يعلم بما يعتريك ومضطرًا لعيشه بجلادة لذا يلزمك الانكفاء قليلًا والصبر كثيرًا وألا تنقطع من مواساة نفسك بنفسك! والله المستعان.
يمكنني قولها صراحة وبدون خجل أو محاولة مداراة، ومن يقرأ مدونتي هنا بانتظام يدرك ذلك بوضوح. في أواخر ٢٠٢٠ عشت صدمة كبيرة لحقتها عدة صدمات متعلقة بذات الأمر والشخص. تأثرت بشدة وهنا طبيعة هذه الصدمة لكن مع إدراكي بها عشت بالتوازي معها. صحيح كانت فترات صعبة وقاسية جدًا بعضها ما زلت أعيش أثره حتى الآن إن لم تكن جميعها لكن أكرر حتى مع وجود هذه الصدمات الحادة عشت، تأثرت كل جوانب حياتي بلا استثناء، نفسيًا وذهنيًا واجتماعيًا ومهنيًا لم أكن أقاوم لكن كنت أحاول التعايش. أنا أدرك هول الصدمة النفسية لكن هل أقف؟ لا بالطبع فالكثير ينتظرني. إضافة للصدمة أضيفت كومة مهام… مسؤوليات لجوانب عدة. لدي عمل وبيت ودراسة وما بينهما الكثير.
أمسك بهاتفي، تنقلت بين قنوات تلغرام ثم تصفحت تويتر سريعًا، أستخدم كلمات مفتاحية خلال بحثي طمعًا في الوصول إلى نص يشبهني، يختصرني ويعفيني من محاولة الكتابة. غالبًا ما أصل لنص يصف إما كل أو جزءًا مما أشعر به لكن الآن أظن الأمر معقد. لا أظن بل على يقين من ذلك، أنا لم أعد أفهمني في هذه الجهة من أيامي، كم تبدو قضية عصية ومعقدة وبائسة وباعثة على الضحك والإشمئزاز في الوقت نفسه. فكرت وكتبت كثيرًا ومررت بلحظات شعرت فيها بأني أهون ما أكون ثم أكره ذلك الشعور المصاحب. واستغرق الأمر أكثر بكثير مما يستحق واتخذت كل الخطوات الممكنة لحل مشكلة كهذه. بالله لماذا كل هذا يحدث بهذه الطريقة الغريبة؟ عجبي!
ارتكبت خطأ بل أخطاء في حق شخص، ذلك النوع من الأخطاء الذي يصنف تحت الرعونة والحماقة. فعلًا ما كان ليصدر مني أبدًا لا ذوقيًا ولا تحت أي مسوّغ، ثم كررته!! كنت أتذبذب بطريقة حادة وغريبة، بطريقة أجهلها عن نفسي. وكنت أستغرب من عدم قدرتي على استيعاب ما الذي أفعله؟
تناقضات و(هشاشة) واضحة، هي نتيجة لفترة وتراكمات مررت بها. كنت أكتب وأسهب في كلامي ثم طبيعي جدًا أفعل أو أقول خلاف ما كتبت!!! علمت مؤخرًا أن كل تلك التصرفات ما هي إلا نتيجة كما قلت لشيء عشته سابقًا لكن هذه المرة كان أثره (متعدي)
الآن فهمت، فهمت جيدًا. لكن هل يفيد هذا الفهم المتأخر؟ هل يغير شيء؟ هل يقول نيابة عني: فضلًا تذكروا ما كانت عليه قبل هذه التخطبات؟ هل يمكنكم سماع ما تود قوله؟
قد لا أطمح للعودة لأنها تبدو مستحيلة لكن إلى الفهم، إلى رغبة في الإسهاب وقول كل ما يجول في نفسي.
لأول مرة أريد أن أصرخ: أنا لست تلك النسخة من مشاعل. أعلم جيدًا ما فعلت لكن هل لك أن تسمعني؟
تبدو محاولاتي وكأنها استجداء، ذلك الذي يكون بين شخصين، أحدهما يحاول بكل ما لديه والآخر يبتعد كمن يهرب. أفهم ويصلني شعور بأني تأخرت وبعدت كثيرًا وأن لا فائدة من كل/ أي شيء. وفي الوقت نفسه تظل محاولاتي مستمرة لأن كل ما أريده هو أن أتكلم وأتكلم وأتكلم لأقول كل ما أرغب قوله.
بعض الأحيان، هناك من يستحق أن نعطيه فرصة ثانية وثالثة على الأقل ليقول شيء ما. تمامًا هذا ما أريده الآن وكم يبدو قريب وبعيد، ممكن ومستحيل. من الطبيعي أن الأيام كفيلة بتخفيف كل شيء لكن لماذا تبقى كل هذه الكلمات معلقة؟ لماذا لا تصل؟ لا تُقرأ أو تُسمع ومن ثم تُفهم؟
كل ما يحصل بعد دعائي الله بيقين واستسلام، حتمًا هو رضا. أيما كانت النتيجة وإن بدت في ظاهرها خلاف ما رجوت لكن هناك اطمئنان بأنها الخيرة.
وبالتأكيد الرضا والاطمئنان لا يتضادان مع أي شعور آخر كالحزن مثلًا فور إدراكنا مآل دعواتنا فنحن كما نعرف جميعًا (بشر) ولنا من الصفات البشرية ما يبقينا كذلك. لكن بالطبع قناعتنا ويقيننا يخففان الكثير لأن يصاحبهم الفهم الذي بدوره يفصلنا عن ارتباطنا العاطفي بما نتمناه لأنفسنا وندعو به.
أدركت متأخرة، ربما طريقتي كانت خاطئة لكن شعوري كان صحيحًا وصادقًا.
لأول مرة دون مبالغة أتردد وأتراجع في أمر ما إلى هذا الحد وإلى كل هذه المرات التي تبدو هشة وضعيفة ومتراخية، وهنا أتكلم عن مشاعل ومشاعل فقط. آن لي أن أزامن بين ما أعيه وأفهمه وما أقوم به أو يناسبه، لماذا كل هذه الفجوة؟ الأمر غاية في الغرابة وأراه موضع ضعف عجيب لم أعهده على نفسي بأي حال ولا لأي سبب كان. لماذا كنت أقاوم؟ وأفعل ما أعي تمامًا بأنه لا يناسبني بحال؟ لماذا سؤال يرافق أفعال وتفاصيل كثيرة مما كان. لماذا قبلت بكل هذه التراجعات اللافائدة منها سوى مزيد من الهشاشة والتناقضات. الآن فقط وكأني أنظر من خارج كل شيء بنظرة جديدة ومختلفة كنت أحرص على مواراتها.
أنا بحاجة ماسة لضبط الأمور وإعادة ميزان كل شيء، هناك انفلات نفسي في نواحي عدة نتجت عنه أمور جديدة وغريبة لم أعتاد عليها. بحاجة لفهم مشاعل من جديد وإعادة كل شيء إلى مكانه المناسب. وأنا هنا لا أنظر للموضوع مباشرة ووحده وما آل إليه إنما إلى التفاصيل والعقد غير المرتبطة به مباشرة لكنها في ثناياه، إلى ما كنت أشعر به وأمشي إلى ضده، إلى التقدير الذاتي الذي تجاوزته في أحيان كثيرة دون سبب يستحق. هذا الحال أشعل نارًا ونورًا لن ينطفئا قبل اتزان وعودة كل شيء إلى ما كان عليه.
أظنني بشكل أو بآخر، ما زلت أعيش في تبعات 2021 والتي بالضرورة لحقتها 2022.
غادرت، بعدما تشبثت طويلًا بيد لم تكن ممدودة لي. #ق_ق_ج
مشاعر الحزن هذه المرة أكبر مني، تلقي بظلالها على كل أوقاتي. أقاوم البكاء حتى وأنا في النادي وأنا أقود السيارة وأنا أجهز السلطة. طوال الوقت وأنا حزينة. أتذكر وجهه وصوته لا يغادراني، لم أستوعب بعد أم أنه مستوى جديد من الحزن لا أعرفه ولم أعشه من قبل؟ مثقلة إلى الحد الذي تغدو فيه الأنشطة اليومية العادية عبء لكني أقاوم. أكتب هذا وأنا أقاوم البكاء بينما أمشي في النادي.