عوضًا عن رسالة 💌

-1-

أهلًا! أكتب الآن من مساء يوم الأحد، أكتب وقد هدأت بعدما كنت أشبه ما أكون على فوهة بركان أو أن فورانه كامن بداخلي. وهذه الجملة الأخيرة يلزمها تفسير بسيط وعودة للوراء قليلًا. كانت الأمور على ما يرام إلى مساء السبت وبالتحديد الساعة الحادية عشرة مساء وأربعون دقيقة، حينها تلقيت خبرًا بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. دخلت في حالة حادة لا مجال لذكرها هنا، لكن لو كنت أكتب رسالة طويلة لأسهبت. نعود إلى القشة مرة أخرى، بينما كنت أستعد للنوم وقد تأخرت، قلبت موازيني.. حاولت عبثًا تهدئة الأمور ونفسي ولكن دون فائدة! في حالة كهذه عندما أصل لقمة شعور ما، كنت دون تفكير أتجه إلى البريد لتفريغ ما أشعر به، نقله كاملًا مني إلى حروف تحمل عني ثقل ذلك الشعور. أكتب وأكتب وأكتب دون أي اعتبار يذكر أو فلتر يمنعني إنما أطارد المعاني حتى أنقلها وأتخلص منها وحينها فقط أهدأ. وأنا هنا لا أبالغ إن قلت هذه طريقتي التي اعتمدتها لسنوات وبالتحديد من 2013.

-2-
كتابة الرسائل الطويلة شأن أساسي في أيامي وهو أمر قد تحدثت عنه كثيرًا، إلا أن رسائل مسقط أمرها مختلف تمامًا. بدأتها في منتصف سنة 2013 مع صديقة عُمانية وبالتحديد من مسقط. كنا نكتب لبعضنا في كل حالاتنا، أشدها فرحًا وحزنًا وهشاشة وقوة. ثم لسبب لا نعلمه أو ربما لا سبب سوى أن انقضت هذه التجربة الطويلة والجميلة، كانت آخر رسائلنا مع ظهور كورونا أواخر 2019 إلى منتصف 2020، سبع سنوات من الرسائل الطويلة وبمجموع 136 رسالة متبادلة! عدت إليها وأنا أكتب هذه الكلمات لإلقاء نظرة لا أكثر. حسنًا، ستبقى تجربة الرسائل المسقطية هي التجربة الخام للمراسلة. تذكرتها بالأمس وأنا أقاوم رغبة بداية كتابة رسالة تلخص حالتي وما كنت عليه، أغالبها بنوم يزاحمه أرق! فوضى. إذا هذه المرة انتصرت وبجدارة على إلحاح الكتابة ذلك الذي يأتيني في كل مرة لأقول: يلا مشاعل! هذه ستكون الرسالة الأخيرة. إلا أنه وياللعجب آخر رسالة بعثتها لم أفكر في حينها بأنها ستكون الأخيرة لكن يبدو أنها كذلك -إلى الآن على الأقل-

-3-
ولأني لم أكتب البارحة ثم نمت، استيقظت اليوم -بكل واقعية- وأنا أحمل معي ذات الشعور الذي نمت عليه. رافقني إلى منتصف النهار تقريبًا. وأعلم جيدًا لو أنني استسلمت وكتبت لما استيقظت بذلك الحال. ولكن لا بأس، لابد من نقطة توقف، لن أنكر بأنها بالنسبة لي كانت من أجمل ما كتبت. ليس على مستوى اللغة إنما الشعور والفكرة. إلا أن هذا الانطباع قد اختفى مؤخرًا. لم تعد رسائلي كما كانت، لا بخفتها ولا تنوعها ولا محتواها أي مما اعتدته فيها، ولأسباب أخرى كان لابد من توقفها. وهذا التوقف لم يكن سهلًا وحتى هذه اللحظة أخشى ظهور شعور قوي يحرضني للكتابة وأنصاع لأمره وأكتب ثم أرسل! ولكن سأحاول بكل ما أملكه من تحكم بالأمور، أن أكتفي بهذا الحد، صار وكأنه توقف ضروري أكثر من كونه اختياري.

-4-
الحصول على متلقي لرسائلي ليس بالأمر السهل، فأنا أعرف معنى أن أنسكب أمام قارئ هناك في الجهة الأخرى يطلع على أحوالي ويومياتي وتفاصيلي الدقيقة مما لا يعرفه عني أقرب ناسي وأحبابي. لم أحظى بحرية الكتابة كما كنت مع المسقطية ثم مؤخرًا منذ عام ونصف مع س. غ. وهذه الأخيرة صادف أنها شملت فترة احتوت على أحداث وتغيرات محورية في حياتي لذا كانت رسائل من العيار الثقيل جدًا. حتى الآن لم أكتب كما كتبت في هاتين التجربتين وفي الحقيقة يصعب بحال من الأحوال الوصول لمتلقي جديد، على الأقل في الوقت الحالي، كما لا أتقبل فكرة (الانكشاف) على (شخص جديد) لذا سأتوقف مؤقتًا عن المراسلة وقد يطول هذا المؤقت ولا بأس في ذلك إلى حين الوصول لمتلقي تتوفر فيه الشروط والأحكام. هذا التوقف أشبه ما يكون بحبس أو منع ماء جار عن إكمال سيره، ما الذي سيحدث؟ بالضبط هذه الأعراض الجانبية شديدة اللهجة ترافقني وعلي الوقوف أمام أي نزعات عودة وتراجع! والأمر ليس بالسهل على الإطلاق. لكن دفاتر يومياتي يمكنها استقبال تلك الرسائل لأن محتواها محال أن ينشر في المدونة، إما رسالة أو دفتر وسيكون الأخير موطنها كما كان من قبل. وٍسأكتب هنا في مدونتي ما يقبل المشركة.
أكرر، الأمر ليس سهلًا كما أنه غير مستحيل.

ماذا بعد؟

أهلًا! ها أنا ذا تغمرني مرة أخرى رغبة شديدة بالكتابة إليك. قاومتها مرات عدة ويبدو آن لها أن تنتصر ولكن ليس تمامًا. لن أبعثها إلى بريدك وهنا تزداد المقاومة صعوبة لكن دون غضب هذه المرة، مقاومة سلمية هادئة. في الحقيقة، كل ما يتعلق بالرسائل ما زال غارقًا في محيطك.
أتذكر حين قلت لك بأني فهمت؟ أنا حقًا فهمت وتأكدت من ذلك جيدًا. فهمت وفهمت وفهمت كم يلزمني تكرارها لتدرك قصدي؟ كيف أترجمه لك؟ فهمت متأخرة لكن الأهم أني وصلت وأدركت جيدًا ولدرجة متقدمة. أليس يقال بأن تصل متأخرًا خيرًا من ألا تصل؟ امممم ماذا عن وصولي هذه المرة؟

،

سئمت التطبيقات بكل ما فيها، لا رغبة لي بمشاركة يومياتي كما كنت وأكتفي بالقليل في قصتي الخاصة بسناب. ولم يقتصر الأمر إلى هذا الحد بل سئمت معظم ما أراه عدى سنابات صديقاتي. المشاهير حياتهم مبتذلة! كل شيء مشاع للعامة السحيقة. لا أستطيع استيعاب أن زوجين يشاركان كل تلك التفاصيل أمام جمهور شاسع! أو أن ينقل أحدهم يومه كاملًا بكل ساعاته وما يحتويه.

،

ما زلت في بداية إجازتي الصيفية والتي يمكنني وصفها بالقصيرة حتى لو لم تكن كذلك. لكنها قياسًا عما سبق تبدو كذلك بالفعل، وهذه الإجازة على وجه الخصوص احتجت أن تكون طويـــــــــلة، فهي قادمة بعد ثلاث فصول دراسية، لكن لا بأس. مزيدًا من التركيز يزيدها طولًا. لا أنوي الخروج كثيرًا وبصيغة أخرى: أريدها بيتوتية قدر المستطاع.

،

لم أكتب منذ ثمان أسابيع سوى رسالة وحيدة كانت إليك، لم أكتب في ملاحظات جوالي ولا في دفتر يومياتي ولا في المدونة. ثمان أسابيع مضت بصمت مطبق في حين أن كل شيء حولي كان يصرخ بما فيهم أنا. لم تكن ثمان أسابيع عادية، شملت أقصى محاولاتي للعودة إلى مشاعل، أرهقت وفقدت ما فقدت قبل خطوة الاستشفاء الأخيرة وما مررت به قبلها كلفني الكثير. لكن مرة أخرى، لا بأس. كل شيء في طريقه للتحسن وأعتقد بأني قطعت شوطًا كبيرًا. سعيدة لأني وأخيرًا بعد تشتت طال استطعت الإمساك بزمام الأمور، لست في عجلة من أمري. كل شيء في حينه، أموري تسير ببطء لكن النتائج مبهجة، على الأقل لا انتكاسات حتى الآن وهذا إنجاز بحد ذاته.

،

احتوت أسابيعي السابقة الكثير، تجربة السفر إلى الرياض مع زينب لحضور حفل تخرجي الأكثر من رائع. فكرة أن أسافر وحدي تبدو ضربًا من خيال لكنها صارت واقعًا، وزينب خير رفيق في الحل والترحال. ثم اختباراتي النهائية وتخرجي وانتهاء السنة الدراسية الأطول وذهابي أنا وماما وحدنا للعمرة وانضماني لحلقة تحفيظ القرآن الكريم بالمسجد النبوي (عن بعد) والتزامي بحفظ القرآن. ماذا أيضًا؟

،

حسنًا بالعودة إلى تخرجي، بفضل الله حققت ما تمنيت: تخرجت قبل بلوغي الثلاثين وإن كان بشهر واحد فقط وبتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف. لكن يجدر بي قول أن أول أيامي بعد الانتهاء من الجامعة كانت غريبة! ماذا أفعل بكل هذا الكم الهائل من الوقت المتاح؟ لا محاضرات؟ لا واجبات؟ يا إلهي. حلقات تحفيظ القرآن كانت خير منقذ.

ما هذا إلا موجزًا أكسر به صمتي وحبسة الكتابة التي مررت بها. يختلجني الكثير، ولي عودة بإذن الله.

على بعد مسافة آمنة

أهلًا، ها أنا ذا أكتب إليك مرة أخرى -بلفة- وفقًا للخطة المذكورة آنفًا في تدوينة حل والتي أساسها التدرج للتقليل من الأعراض الجانبية للانسحاب، أقولها (إليك) لكن الكاف هنا كاف خطاب عامة إلى حد أن المقصود بها هو كل من يقرأها، أنا أكتبها لك لكنها لم تعد تخصك وحدك.
تقول إسراء: أكتب إليك رسالات مطولات ، تطير الحروف سُدى، ويبقى شعورها متقدًا في قلبي.
وأعتقد بأن هذا أقصى ما يهمني الآن، أولًا: أن أكتب رسائل طويلة وثانيًا: أن يبقى شعوري متقدًا!

،

أكتب الآن حيث تشير الساعة إلى السادسة صباحًا من ثاني أيام عيد الفطر 43هـ. قبل بضع ساعات وعلى غير العادة كنا بالخارج أنا وماما حيث ذهبنا إلى الواجهة، قلت لها أنظري! ها قد وصلنا إلى اليوم الثاني من شوال يا سرع الأيام!! أعتقد بأن شعورنا بسرعة مرور الأيام يزداد مع المواسم المنتظرة والتي نعد أيامها مثل رمضان والعيد.

،

هل ترى كل الفوضى التي أعيشها؟ نعم ليست سيئة أو حادة لكنها تزعجني لحد ما ويلازمها شعور ناتج عن تراكمات وقرارات والكثير بينهما. بالعودة للوراء قليلًا أي ما يقارب أربعة أشهر من الآن حينها بدأت سلسلة هذه الفوضى، تخبطات متتالية وحيرة ويرافقهما قلق في بعض الأحيان، حالة ركض متواصلة وعلى جهات عدة، هنا بداية وهناك نهاية وضرورة أخذ قرارات صارمة وحالات عديدة تحت ما يسمى (طارئ). منذ بداية 2022 وأنا لست في أحسن حالاتي، وختامًا مع فوضى الوقت في رمضان وعلى مستوى الشعور والأفكار وصلت إلى أقصاي، وصلت للقمة. حتى اللحظة لم أصل للاستقرار بعد، هناك ما يحتاج إلى مواجهته وفهمه ومن ثم إغلاق ملفه، بحاجة للتركيز والتفكير بعمق وإيجاد حلول مناسبة. على يقين من أن كل شيء سيؤول إلى ما يناسبه لكن لابد من بذل الكثير. تذكرت هنا قول لمياء ذات مرة بأن مشاعل تختار الغياب عندما لا تكون بخير وهذا فعلًا ما يحصل حاليًا. الابتعاد والاختفاء هو الأنسب لي، ليس بالضرورة غيابًا تامًا لكنه ملاحظ، وهذا يشمل الواقع وتطبيقات التواصل.

،

أواجه أفكارًا وأسئلة كثيرة طوال الوقت وأحاول الوصول على الأقل لما يقنعني. هذه المرة ما زال الطريق طويلًا فهناك ملفات متعددة تحتاج إلى إعادة نظر وبعضها إلى إعادة ضبط المصنع! لدي وقتي ولست على عجلة من أمري لأن النتيجة ستكون كالقواعد والأساس.

على بعد مسافة آمنة هكذا اخترت تعريف نفسي في تويتر، مناسب للفترة الحالية، أتواجد على بعد مسافة آمنة من الجميع، تعريف حقيقي وواقعي ويلامسني ويتوافق مع ما أعبره من فترة (مضطربة)

ومن جهة أخرى، أعيش الآن فكرة: على بعد مسافة آمنة.
من كل وأي شيء. لا أرغب بأي شكل من أشكال الإضافة أو الاقتراب وهذا يشمل جميع جوانب حياتي. أريد لكل شيء أن يبقى كما هو، أن أحظى بفترة ملؤها راحة وهدوء. يقابل هذا ترحيبي بالحذف والتخفف. وسأبقى هكذا أقل مدة ممكنة وهي ستون يومًا. وخلال هذه المدة بحول الله سيحدث ما أنتظره، لذا الدخول في هدنة مع الحياة كاملة هو كل ما أريده الآن وأسعى إليه. يلازم ذلك بعضًا من شعور اللامبالاة لبضع جوانب كما أن الاهتمام والحرص ليسا جيدين على الدوام وبهذا فإن الهدنة تشملهما. وهذا بالضرورة يعني التركيز على ما هو أهم ومهم فقط.

أرشيف

20 مارس: تزامن
أكتب الآن في الوقت الفائض من الحصة الأولى في الفصل الدراسي الثالث. نعم ولأول مرة منذ أن بدأت مسيرتي التعليمية أجدني أكتب الفصل الثالث. نحن الآن في السابع عشر من شعبان. وحتى يومنا هذا يبدو أننا سنداوم في رمضان. وأخر مرة ذهبت فيها إلى المدرسة في رمضان كنت حينها في الصف الأول ثانوي. لا أعبأ سوى للعطش! كيف لي أن أشرح دون جرعات ماء؟

بعض الأحيان كل ما نحتاجه هو أخذ مسافة من جميع الأشياء/ الأشخاص. هدنة واسعة مع الحياة بكل جوانبها. نحن نفهم ونعي جيدًا لكن هذا الفهم قد لا يترجم إلى فعل مكافئ بالتالي نجدنا نمارس أفعالًا هي بالضبط مضادة لما نفهمه، بصيغة أخرى: الجزء النظري لا يتطابق مع الجزء العملي. حسنًا وما الناتج عن ذلك؟ فوضى.

8:49ص إحدى عشرة دقيقة حتى نهاية الحصة الثانية، ما الذي يمكننا فعله في هذا العدد من الدقائق؟

هنا طالبتان تلعبان (إنسان- حيوان – نبات- جماد – بلاد) أكثر لعبة أرى طالباتي يلعبونها، أهنئ هذه اللعبة على صمدوها في وجه التغيرات، على بقائها مستمرة مناضلة مع كل الأجيال وبكل الأوقات.

31 مارس: تغير
حاليًّا، كل ما أريده هو العودة للقراءة والنادي والمشاهدة والمشي.
لدي طالبة بدأت أشعر بالحزن عليها لكثرة ما تخبرنا بشكل عرضي كتعليق على ما نقول بأن والدتها تقول أشياء حادة عناها، ولا أعلم هل هي فعلًا تقول هذا وما السياق الذي يجعلها تقول كهذا؟ هي تريد أن تحسن علاقتها وهذا أمر واضح لكن يبدو أن الأم شديدة. هذا والله أعلم.

3 أبريل: بداية

أكتب ونحن في الثاني من رمضان وقد عدنا للدوام في رمضان بعد انقطاع دام 14 سنة. هذه الحصة الثانية لي لهذا اليوم. تعمدت كتابة التاريخ في السبورة بهذه الطريقة: 2 رمضان 1443هـ لأرى ردة فعل الطالبات وجميع الفصول أعطوني رد فعل لطيف، لم يمر التاريخ كباقي الأيام وهذه لفتة جميلة.

جئت للدوام على الرغم من أن رأسي قرر إغلاق المنبه والحصول على ساعة وربع نوم إضافية! فبدلًا من الاستيقاظ عند الساعة 7:45 استيقظت عند التاسعة صباحًا.

الآن 12:03 وجسمي مرهق، لست جائعة أو عطشانة إنما بداية إرهاق. وأفكر كيف سأغالب كسلي وأذهب للنادي قبل الفطور.

14 أبريل: نقلة
مضت عشرة أيام على آخر مرة كتبت فيها هنا حدث خلالها الكثير، على رأس القائمة وفاة جدي وحبيبي ابويا رحمه الله في الخامس من أبريل. وبعدها دخلت في حالة مكثفة من الثقل والحزن ما زلت أعيش على حدودها.

ماذا عن الحماقات التي نفعلها بصمت؟ حسنًا. الطالبات يتواجدن خلفي ولا أفضل الاستمرار بالكتابة أمامهم. لكن سأقول أن اليوم هو الخميس، وأخيرًا أنه الخميس. كان أسبوعًا طويلًا وثقيلًا وكثيفًا جدًا وعلى جميع الأصعدة.

وما زال خميسي ثقيل بما يلزمني الانتهاء منه وكذلك عطلة نهاية الأسبوع ولكن الحمدلله على كل حال.

حل

طريقتي الدائمة هي إيجاد حلول، حتى وإن لم تكن هناك مشكلة، كيف لهذا أن يكون؟ من باب التغير ربما. أحب تجربة أفكار متعددة لنفس الشيء. وهذا ما فعلته مؤخرًا تحت تأثير الفكرة الموجودة في هذه التدوينة. التوقف المفاجئ عن فعل أمر ما بطريقة محددة يبدو صعبًا ومهما حاولنا قد نعود إلى نقطة البداية لذا أعتقد دائما لابد من التدرج وهو أمر منطقي وبديهي، وهذا ما فعلته أو أظن ذلك. سأذكر طريقتي السابقة وهي اعتمادي على الكتابة لحظيا في مسودة إيميلي أو ملاحظات الجوال، على أن تكتب كل فكرة في حينها وتبقى كذلك دون تعديل إلى أن أرى اكتمال هذه الأجزاء لتبدو رسالة كاملة فأبعثها.

ومن هنا توقفت عن الكتابة بهذه الطريقتين حتى لا تكون امتدادًا لذات الخطوات السابقة والنهاية معروفة. واستبدلت كلًا من المسودات والملاحظات بملف وورد على لابتوتبي، لكل شهر ملف واحد يضم كل ما كتبته وبنفس أسلوبي في الكتابة: كلمة واحدة كعنوان يختصر كل ما أقول. بدأت هذه الحيلة منذ 20 مارس ووصلت الآن إلى ملف واحد لآخر عشرة أيام من مارس وآخر لأبريل ما زلت أكتب فيه. وسأستمر بالكتابة هناك إلى أن تخف رغبتي في إرسال ما أكتبه ثم بعد ذلك أعود لطريقتي القديمة لأن المسودات والملاحظات أقرب ومتواجدة معي باستمرار بخلاف اللابتوب وأنا أكتب في كل وقت وحين وبحاجة لتوفرهم الدائم.

لكن في المقابل، سعيدة لأني استطعت الكتابة في ملف وورد ولأني أرى أمامي تراكم الأيام واللحظات وهي مكتوبة في ملف واحد. كنت أتعامل مع تلك الرسائل كما لو أنها يومياتي، كما لو أنني أكتب مني وإلي بكل ما يعبرني من مشاعر وأفكار وحيرة وخيبة واحباط وخطط وطموح دون فلترة وهذا أمر مفضل وكذلك لشخص المرسل إليه نفسه وهنا تكمن صعوبة التوقف وبقليل من التفكير، أنا كنت أكتب من قبل ولم أكن أرسلها لأحد فلماذا الآن بات إرسالها أمر ضروري؟ لماذا ارتبط ذلك النوع من النصوص بفعل الإرسال؟ بالطبع لا رابط بينهما سوى في رأسي لأني أردت ذلك وللجمال الذي كنت أعيشه فيما أكتبه والآن ببساطة يلزمني التوقف. التوقف عن الإرسال لا الكتابة.

رسائل لن تصل

ذكرت سابقًا في رسالة ما بأنني سأبدأ الموسم الثاني season 2 من سلسلة رسائلي، الموسوم الثاني بالنسبة إلى ذلك البريد بعينه وإلا فإن رسائلي بسنواتها الطويلة تجاوزت فكرة كهذه. لكني لم أحدد مكان ولا هيئة هذه البداية أو يمكنني ادعاء ذلك الآن. وكما هو معروف، فإن كتابتي للرسائل تمامًا كاليوميات لن تقف لأي سبب كان. قد تتعثر أو تتأخر أو تتغير بعض تفاصيلها مثل بريد المرسل إليه أو طريقة كتابتها أو حتى موعدها، لكنها أمر ثابت في أيامي.

وهذا ما سيحدث. لأول مرة، عوضًا عن مرسل إليه واحد كما اعتدت، ستكون مشرّعة لكل العابرين من هنا قلوا أم كثروا. أقول هذا وأشعر بغرابة لأني اعتدت لسنوات أن تكون رسائلي موجهة لشخص واحد دائمًا ولأن للرسائل ما يمزيها لدي ويجعلها دون غيرها مما أكتبه، لها سطوتها علي وهي تكاد تلازم كل أوقاتي كمسودات ممتدة إلى حين إرسالها. لكن لم لا أجرب عكس ذلك؟

في الفترة الحالية، لا آبه لأي شيء، تمامًا كشعوري فترة ٢٠٢٠ مما دفعني حينها إلى كتابة يومياتي بالتزام يومي هنا في المدونة ولمدة ستة أشهر. تخرج من وراء حالة اللامبالاة هذه الكثير من النصوص، لذا لا بأس إن عشتها مرة أخرى. والآن الأمر مشابه إلا أنه مع الرسائل بدلًا عن اليوميات.

لم يسبق لي كتابة رسائل هكذا يقرأها الجميع، أحب في الرسائل بالذات خصوصيتها وأن أعرف المخاطب، فلكل شخص ما يميزه وينعكس هذا على محتوى وطريقة كتابة الرسالة نفسها. أما الآن سأرى كيف تبدو وهي ليست مرسلة لأحد بعينه ولا أعلم إن كنت أستطيع أن أحذو بالأريحية حذو رسائلي السابقة. لكن إذا ما فكرت بالأمر، أجد رسائلي بشكل أو بآخر هي عبارة عن يوميات لكن بتفاصيل خاصة بها!

على كل حال، سأرى!

مسوّدة

كُتبت في البداية كمسوّدة لرسالة طويلة موجهة لشخص واحد وانتهى بها الحال إلى تدوينة، لكل المارين من هنا.

10 نوڤمبر

أفكر اليوم -بكل نرجسية ربما- في كم الأفكار التي لو حولتها لواقع كيف ستكون مغرية وغنية وممتعة لي أنا شخصيًا! تتوزع بين مشاريع كتابة وأخرى ثقافية وبعضها تجارب وسلاسل ممتدة < الأوصاف توحي بضخامتها وهذا ما يلائمها رغم بساطتها. أتعلم تلك الحالة التي تصلها لكثرة انشغالك ثم تبدأ تخترع؟ هذا حالي بالضبط. بين مشاريع ترجمة ومشاريع كتابة (تدوينات) ومشاريع قراءة ومشاريع تصوير وسلسلة تجارب لأماكن معينة في جدة وتجارب توثيق بنمط يتكرر. اعتدت سابقًا تصوير ثانية واحدة فقط لتكون الأهم في يومي ثم أجمعها آخر السنة في فيلم يصل لست دقائق، أيضًا سيلفي كل يوم بأبعاد ثابتة لوجهي ثم تجمع كفيلم سريع وأرى كيف تغيرت، هنا حبة اختفت وهنا شعري ازداد طوله وهنا وجهي مورّد وهناك مصفر وهنا هالاتي تكاد تبتلعني وهكذا. أيضًا كنت أصور #فوتوغرافيا_الانتظار وأخرى #فوتوغرافيا_الأسقف و#قراءات_الانتظار وكلمة كل بداية أسبوع دراسي و٩صور ملخص لأسبوع العمل وكتاب الجمعة وفيلم السبت.. لدي الكثير من هذه الارتباطات والتي افتقدها وأتمنى العودة لمثلها. 


صحيح أني في الكتابة ثرثارة وجدًا لكن هذا خلاف الواقع، حيث أستمع أكثر بكثير مما أتكلم ولولا المدرسة واحتساب عدد كلماتي في شرح الدروس والتواصل مع طالباتي وزميلاتي يمكنني الدخول في مسابقة العيش بأقل كلمات منطوقة في اليوم الواحد لكن بالطبع لن أفوز بالمركز الأول ولا الثاني ربما الثالث. وهذا أسبوع المراجعة، في اليوم الواحد يتراوح عدد حصصي بين أربع إلى خمس لا وجود لثلاث حصص، وطبيعة المراجعة ليست كالدروس، أتكلم أكثر. اليوم دون مبالغة صوتي فحط وأنا أراجع. احححح احمممم اححممم عفوًا، ولكن البحّة أبت إلا البقاء وأكملت بصوت مجروح مـ< هناك وصف آخر يناسب الصوت المبحوح لكن رأسي لا يسعفني!