في المعجم:
آخِر: مقابل الأول، عكس الأول.
كلمة: اللفظةُ الدَّالةُ على معنًى مفرد بالوضع.
كما يظهر هي كلمة مختصرة بمعنى واضح، إلا أني سلبتها معناها وضده، في كل مرة كنت أكتبها لشخص بعينه، أتركها غارقة في بحر الحروف، عالقة بين كل المعاني إلا معناها، في المنتصف تبتعد عن ضدها (الأول)، ولا تقترب من الأخير، تبقى ضائعة، دائمًا ما تجد لها (وجودًا) في مكان ما إنما ليس أينما يفترض لها أن تكون، وما أقسى أن تكون موجودًا في (الخطأ) مكانًا أو توقيتًا، والأسوأ كلاهما.
في كل مرة أكتبها: آخر، ما إن أنتهي من كتابة الراء حتى تبدأ في ركضها، تحاول اللاحق، تحاول الوصول إلى الجهة الأخرى حيث معناها الكامن بين حروفها، أثناء ذلك، يصلني ضحك كل الكلمات! إذن هم يعلموا بقصتها، يدركوا جيدًا ضياعها ومحاولاتها، وكثرة استخدامها دون فائدة، مسلوبة المعنى والقوة.
ألحقتها بكلمات عدة، علّها تساعدها في العودة إلى جوهرها فكانت: آخر تلويحة – آخر رسالة – آخر محاولة، صارت أصوات الضحك أعلى! وبقيت هي على حالها. لم أكتف بهذا، أرفقتها بي، ربما أكون مرشدتها فقلت: آخر مرة، لمرات عدة، لكني أعود! آخ تطورت الحالة، والحمدلله، بالنسبة لي لا أحد يعلم سواه، وإلا كنت سمعت ضحكاتهم تمامًا كما سمعتها كلمتي المسلوبة.
كان كل هذا متكئًا على أمر واحد: استثنيته، حتى طال هذا الاستثناء أفعالي وكلماتي، فأقول آخر مرة، لمرات وأعود، لم يكن لآخر مفعولها على الإطلاق، لم يظهر حزمها أو صرامتها، لا يتعدى الأمر كونها هدنة قصيرة، ولا أعلم من فينا يقنع الآخر، أكتبها لتقتنع بأنها المرة الأخيرة فعلًا، أم تقنعني بأنها ستمثل معناها خير تمثيل؟ بعد كل مرة أستعين بها، كان كلانا ينظر إلى الآخر مبتسمًا على عدم جدوى استخدامها وتكرارها المتكرر حشوًا في معنى الحياة، إلى أي حد هذا مضحك؟
لكن يبدو لي كما تشير التقارير الصادرة مؤخرًا، أنها في طريقها إلى معناها، دون ركض هذه المرة، وقريبًا جدًا ستصل، وسيكون لـ آخِر معناها السليم، تجربة قاسية خاضتها، متميزة بذلك عن كل الكلمات، لا بأس فالتجارب تصقل وكانت هذه الجولة من نصيب كلمة آخِر.