-1-
أهوى لحظات أن يخبرني طفل عن معلومة جديدة عرفها، أعطيه كامل تركيزي وردة فعلي المندهشة! أتذكر دائمًا أني كنت تلك الطفلة التي تخبر من حولها بما تعلمته مؤخرًا وتراه يستحق المشاركة، لذا أنا أعي هذا الشعور، أعي جمال أن أعطي معلومة أظن بأنها جديدة لشخص يبادرني شعور الدهشة حتى وإن كان يعرفها. وهذا غالب حالنا مع الأطفال.
-2-
كيف للأماكن أن تكتسب أهمية من خلال الأشخاص في حياتنا؟ هي كانت أماكن مغيبة، لشدة هامشيتها كأنها غير موجودة ثم فجأة يظهر شخص ويتسلل إلى دائرة اهتماماتنا، أو قد يكتسب أهمية تتسرب عنها الأشياء المتعلقة به لتصبح حاضرة بل شديدة وقوية الحضور في أيامنا. نراه فيما يفضله، في الأماكن التي يرتادها، في الأماكن التي كنا فيها برفقته، بصرف النظر أكانت هذه الرفقة محادثة أو مكالمة أو رسالة أو لقاء. ارتباط الأماكن بالأشخاص أمر مدهش وعجيب. ما حفزني لتذكر هذا، أني بالأمس مررت بلوحة ترشد لمكان ما، هذه اللوحة لم أكن أبدي لها أي اهتمام وكأنها غير موجودة، في الحقيقة لم أراها من قبل وإن رأيتها فمن المؤكد أنها كانت كأي شيء عابر مضى صدفة ضمن مدى بصري. لكن بالأمس كانت المرة الأولى التي أنتبه لوجودها أو حتى أعلم أنها قائمة هناك. ذهبت إلى ذات اتجاه اللوحة، رأيت المبنى المقصود، وها هو قد اكتسب وجودًا في عيني. كنت أعبر الشارع مرارًا وتكرارًا لكني لم أولي هذا المبنى أي اهتمام، أما الآن، فهو أول ما أراه في ذلك الشارع. بمعنى: ظهور أو وجود أو اختلاف ترتيب شخص في أيامنا وارتباطه في ذات الوقت بأشياء عدة يسحب معه -إلينا- أشياء كانت بالنسبة لنا في العدم، يعطيها الوجود، يعطيها هذا الحيز والمكان وهذا الحضور الكثيف في أذهاننا.
جميع ما كتب بالأعلى، سجلته كملاحظة صوتية أثناء مشيي، أردت القبض على جزء من أفكاري وهذا ما كان.
-3-
تعجبني فكرة الاستثناء وبحثت في المعجم لأصل إلى المعنى الذي أعنيه:
استثنى الشَّيءَ: أخرجه من قاعدة عامة أو حكم عامّ.
للحظة ستعيش جمال شعور أن تكون مستثنى من كل قواعد أحدهم، أن تكون استثناؤه المقصود والمعني. أن تُغَير أشياء أو تستبدل، لأجلك ودون سبب سوى أن تكون أنت هو أنت! والأجمل أن تستثني. تكسر ما اعتدت عليه وتلوي أطرافه لأجل من يستحق ذلك. فعل بسيط لكني أراه استثنائي.